وقوله:«حتَّى فِضْتُ عرَقاً» أي: تصبَّبتُ عرقاً، وكثر عَرَقي، كما يفيضُ الإناءُ من كثرةِ ملئِه، ومنه قوله:«ويكثُر فيكم المالُ ويَفيض» أي: يكثرُ جدّاً مثل فيضُ الماءِ، الرِّواية هنا «فِضت» بالضَّادِ المُعجمةِ، مما ذكرناه، قال أبو مروانَ بنِ سراجٍ: ويقال أيضاً: فِصت عرقاً: بالمهملةِ بمعنًى.
وقوله:«يُفيضونَ في قولِ أهلِ الإفْكِ»[خ¦٤١٤١] أي: يأخذونَ فيه ويندفعونَ في التَّحدثُ فيه، ومنه حديث:«مفاضٍ ومستفاضٍ»، ومنه قوله:«أفضْتُ»[خ¦١٥٦٠] و «أفاض»[خ¦١٨١] أي: من منى إلى مكَّة، ويقال أيضاً: من عرفةَ إلى المزدلفةِ، أفاضَ الحاجُّ كلُّه معناه اندفَعوا وأسرَعوا، وطوافُ الإفاضةُ هو طوافُ الحاجِّ بعدَ إفاضتِهم من منًى إلى مكَّةَ يومَ النَّحرِ؛ أي: إسراعُهم وشدَّة دفعِهم.
وفي حديثِ ابنِ بشَّارٍ في بابِ: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧] قول عائشةَ: «فأفضتُ بالبيتِ»[خ¦١٥٦٠] كذا الرِّوايةُ، وهو صحيحٌ؛ ومعناه: طُفتُ طوافَ الإفاضةِ.
فصلُ الاختلافِ والوهم
قوله:«وحَبَسَ عن مكَّةَ الفيلَ»[خ¦٢٤٣٤] كذا لابنِ السَّكنِ في (بابِ لُقَطةِ مكَّة)؛ بالفاءِ، ولغيرِه:«القتل» بالقافِ والتَّاء باثنتينِ فوقَها، وبالقافِ ذكرَه في الحدودِ، وفي كتابةِ العلم:«الفيل» معاً [خ¦١١٢]، قال البُخاريُّ: كذا قال أبو نُعيم على الشِّكِّ؛ أي: في ضبطِ الحرفِ بالوجهَين الفاءِ والياءِ والقافِ والتَّاءِ، وكذا وقعَ عندَ الرُّواة، كما كتبناه، ثمَّ قال: الفيلُ أو القتلُ فبيَّن ما أجمل، ومثله لأبي ذرٍّ، ثمَّ قال: وغيرُه يقول: الفيلُ يريدُ بالفاءِ من غيرِ شكٍّ، وبالفاءِ رواه مسلمٌ بغيرِ خلافٍ عندَ كافَّة شيوخِنا، إلَّا أنَّه