قوله:«من ترَك دَيناً أو ضَيعَة فادعُوني فأنا وَلِيُّه» قيل: معناه استَعِينُوا بي في أمْرِه، وأصلُ الدُّعاءِ الاستِعانَةُ، قال الله تعالى: ﴿وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ﴾ [البقرة: ٢٣] قيل: استَعِينُوا بهم.
وقوله:«أدَعْوَى الجاهِليَّة» وهو قولهم: (يا فلان يا لِفلان)، وهو من مَعنَى الاستغاثة أيضاً.
وقوله وذكَر خبر يوسُفَ ﵇:«لأجَبتُ الدَّاعي»[خ¦٣٣٧٢] قيل: يريدُ الذي دعاه للخُروجِ من السِّجنِ لا المرأة التي دعَتْه لما دعَتْه له، إذ قال يوسفُ للدَّاعي: ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٥٠] الآية، ومثلُه من نبيِّنا ﷺ تواضُعٌ.
فصلُ الاخْتلافِ والوَهمِ
قوله:«فدَعَمَتْه»[خ¦٦٨١] بتَخفيفِ العَين؛ أي: رفَدَتْه لئلَّا يَسقُط، ورواه بعضُهُم:«فزَعَمَتْه» بالزَّاي، وفسَّره: حرَّكَتْه، والرِّوايَةُ فيه والتَّفسِيرُ خطَأ كلُّه لا أصْلَ له.
وقوله:«أدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسلامِ»[خ¦٧] كذا أكثرُ الرِّوايات، وهو مَصدَرٌ كالشِّكاية والرِّماية، والمشهورُ في مصدرِه دُعَاء، وقيل: دَعوًى أيضاً، قيل: ومنه قوله: «ليسَ منَّا مَن دَعَا بدَعوَى الجَاهِلِيَّةِ»[خ¦١٢٩٤]، وذكَره في «البارع»: دِعَاوَة بالواو أيضاً، وجاء للأَصيليِّ في كتاِب الجِهَاد:«بِدَاعِيَةِ الإِسلامِ»، معناه: بدَعوَته وبالكلِمَة التي يُدعَى بها إلى الإسْلامِ، ويَدخُل بها فيه مَن دُعيَ إليه، وهي بمَعنَى قوله في الحديثِ بعدَها، و ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ﴾ [آل عمران: ٦٤].
قوله في حَديثِ الوَباءِ:«ادعُ لي المُهاجِرين … وادعُ لي الأنصارَ … وادعُ لي مَشْيَخة قُرَيش … فدَعَوهُم» كذا لأكثر الرُّواة من طريقِ يحيَى، واختلَف فيه ضبْطُ شيوخِنا؛ فمِنهُم من ضبَطه كذا على الإفراد، وهي رِوايَةُ القَعنَبِيِّ وابنِ القاسمِ، ومنهم من ضبَطه:«ادْعُوا» على الجَمعِ، وهي رِوايَةُ ابنِ بُكَيرٍ، وكذلك:«فدَعَوْهُم» و «فدَعَاهُم»، قالوا: والصَّوابُ: «ادعُ -على الإفراد- فدَعَوْتُهم»[خ¦٥٧٢٩]؛ لأنَّ المَأمُورَ بهذا هو ابنُ عبَّاسٍ المحدِّثُ بالخَبرِ.
وقوله:«دُعَاةٌ على أبْوابِ جَهنَّم»[خ¦٧٠٨٤] جمعُ داعٍ، وعند الطَّبريِّ:«رُعَاة» بالرَّاءِ، والأوَّلُ أظهَر؛ لقوله:«مَن أجابَهم قذَفُوه فيها»، وعند الصَّدفيِّ:«دُعَاءٌ»، وهو بمعنَى الأوَّل.
وقوله وذكَر يوسُفَ ﵇:«لأجَبتُ الدَّاعي»[خ¦٣٣٧٢] يعني الذي دعاه للخُروجِ من