هنا وها هنا بقُدرَتِه، وقيل: يضُمُّها، وهو مثلُ قولِه تعالى: ﴿وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧]، والله تعالى يَتَنَزَّه عن الجارِحَة وصِفاتِ المَخلُوقِين.
وقوله:«إذا مَشَى تَكَفَّأ» قال شِمرٌ: معناه تمايَل كما يَتمايَل السَّيف يميناً وشمالاً، قال الأزْهرِيُّ: هذا خطَأ؛ وهذه مِشْيَة المُخْتالِ، وإنَّما معناه ها هنا: يميلُ إلى جِهَة مَمشاه ومَقصِده، كما قال في الحَديثِ الآخَرِ:«كأنَّما يَمْشِي في صَبَبٍ»، قال القاضي ﵀: هذا لا يَقتضِيه اللَّفظُ وإنَّما يكون التَّكفُّؤ مَذمُوماً إذا استُعمِل وقُصِد، وأمَّا إذا كان خِلْقةً فلا.
وقوله:«وأكفِئُوا الإناءَ»[خ¦٢٠١٢] رويناه بقَطعِ الألفِ وكَسرِ الفاءِ رُباعيٌّ، وبوَصلِها وفَتحِ الفاءِ ثُلاثيٌّ، وهما صحيحان، ومعناه: اقلِبُوه ولا تترُكُوه لِلَعْقِ الشَّيطان ولَحسِ الهَوامِّ وذَواتِ الأقذار، ومثلُه في الأشْربةِ:«فأكْفَأْنَاها يومَئذٍ»، وفي الحديثِ الآخَرِ:«فكَفَأْتُها»[خ¦٥٥٨٣] على اللُّغتَين؛ أي: قلَبناه، ومِثلُه في لُحومِ الحُمُر:«وأَكْفِئُوا القُدُورَ»[خ¦٣١٥٥] رويناه بالوَجهَين المتقَدِّمَين، وأنكَر بعضُهم أن يكونا بمعنًى، وإنَّما يقال في قلَبْت: كفَأْت ثُلاثيُّ، وأمَّا أكفَأْتُ وكفَأْت معاً فبمعنَى أمَلْتُ، وهو مَذهبُ الكِسائيِّ، ومنه في حَديثِ الوُضُوءِ:«فتَوَضَّأ لهم فأَكْفَأَه على يدَيْه» كذا للأَصيليِّ، وفي رِوايَةِ البَاقِين:«فكَفَأه»[خ¦١٩٢] في بَابِ: مَسحِ الرَّأسِ.
ومنه:«فأضعُ السَّيفَ في بَطْنِه ثمَّ أَنْكَفِئُ عليه»[خ¦٤٠٤٠] أي: أتَّكِئُ وأمِيلُ، ومنه في الحَديثِ الآخرِ في الضَّرَّة:«لِتَكْفَأ»[خ¦٢١٤٠]، ويُروَى:«لتَكْتَفِئ ما في صَحْفَتِها»، وفي رِوايَة:«لتَسْتَكْفِئ إناءَها»[خ¦٢٧٢٣]، تفتَعِل وتستَفْعِل من ذلك؛ أي: تكُبُّه وتقلِبُه وتفرَغه من خيرِ زَوجِها لطَلاقِه إيَّاها، وقد تُسهَّلُ الهَمزةُ في هذا كلِّه.
وقوله:«فانْكَفَأتُ إليهِنَّ»[خ¦٩٢٢]، و «انْكَفَأتْ رَاجِعَةً»[خ¦٤٧٩٥]، و «انْكَفَأتُ إلى امْرَأتِي»[خ¦٤١٠٢]، و «انْكَفَأ إلى شَاتَين» * [خ¦٥٥٥٤] أي: رجَع عن سَننِ قَصدِه الأوَّلِ إلى ذلك، وكلُّه بمعنى المَيلِ والانقلابِ المتقدِّم، ومنه أيضاً:«وأَكْفَأَ بِيَدِه» * [خ¦٢٦٤] أي: قلَبها وأمالَها.
وفي قتل أبي رافِعٍ:«ثمَّ أَنْكَفِئُ عليه» يعني: السَّيفَ، يعني: أَمِيل عليه وأنقَلِب مُتَّكئاً عليه.