للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّبيُّ »، وجاء في مَواضِعَ منها اختلافٌ نذكُرُه بعدُ.

وقوله: «وطَرِيقٌ مِئْتَاءٌ» [خ¦٤٦/ ٢٩ - ٣٨٧٦] بكَسرِ الميمِ ممدود وهمزةٍ ساكنةٍ وقد تسَهَّل؛ أي: محَجَّةٌ، ومَعناه كثيرُ السُّلوك عليها، مِفْعالٌ من الإتيان، يريدُ الموتَ؛ أي: إنَّ النَّاس كلَّهم يسلُكونها، قال أبو عُبيدَ: وبعضُهم يقول فيه: طريق مأتِيٌّ؛ أي: يأتي عليه النَّاسُ، وكِلاهما بمعنًى.

قوله في (بابِ أكلِ الثُّومِ): «وكان رسولُ الله يُؤتَى» وتمَّ الحديثُ عند أكثرِهم، زاد في رِوايةٍ: «بالوَحْي»، وفي أُخرَى: «يَعنِي يأتيه جِبريلُ»، وهو معناه هنا.

فصلُ الاخْتلافِ والوَهمِ فيه

ذكَر البُخاريُّ في التَّفسيرِ في قوله: «﴿اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ أَعْطِيا ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت: ١١] أعْطَيْنا» [خ¦٦٥/ ٤١ - ٧٠٥٨].

قال القاضي: وليس أتى هنا بمعنَى أعطى، وإنَّما هو من الإتيانِ والمَجيءِ والانفعالِ المَوجُود، بدَليلِ الآية نَفسِها، وبهذا فسَّر المفسِّرون، أنَّ مَعناه: جِيئَا بما خلَقتُ فيكما وأظهِراه، ومثلُه مرويٌّ عن ابنِ عبَّاسٍ، وقد رُوِيَ عن سَعيدِ بنِ جُبيرٍ نحو ما ذكَره البُخاريُّ، لكنَّه يُخرَّج على تقريب المعنى: أنَّهما لمَّا أُمِرَتا بإخراج ما بثَّ فيهما من شَمسٍ ونُجومٍ وقَمرٍ وأنهارٍ ونَباتٍ وثَمرٍ كان كالإعطاء، فعبَّر بالإعْطاء عن المَجيء بما أُودِعتاه، والله أعلم.

وقوله في صِفَة نزُول الوَحي: «فلمَّا أُتْلِيَ عنه» بضَمِّ الهمزةِ وتاءٍ باثنتَين فوقَها ساكنةٍ ولامٍ مَكسُورة مثل أُعْطِيَ، كذا قيَّده شيخُنا القاضي أبو عبد الله بنُ عيسى عن الجَيَّانيِّ، وعند الفارِسيِّ مِثلُه إلَّا أنَّه بثاءٍ مُثلَّثةٍ، وعند العُذريِّ من طريقِ شَيخِنا الأسديِّ: «أُثِلَ» بكَسرِ الثَّاء المُثلَّثة مثل ضُرِبَ، وكان عند شَيخِنا القاضي الحافظِ أبي عليٍّ: «أُجْلِيَ» بالجيمِ مثل أُعْطِيَ أيضًا، وعند ابنِ ماهانَ: «انجَلى» بالنُّون، وكذا رواه البُخاريُّ [خ¦١٢٥].

وهاتان الرِّوايَتان لهما وجهٌ؛ أي: انكَشَف عنه وذهب وفُرِّجَ عنه، يقال: انجلى عنه الغمُّ وأجليتُه عنه؛ أي: فرَجتُه فتَفرَّجَ، وأَجْلَوا عن قَتِيلٍ؛ أي: انفرَجُوا عنه وترَكُوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>