بالحُداءِ فيَسقُطنَ عنها، وقد استدلَّ بعضُهم على هذا بقولِه:«لا تكسرْ القواريرَ»، وهذا اللَّفظُ مُعرَّضٌ للتَّأويلِ الأوَّلِ، مستعارٌ له.
وقوله في حَديثِ الإفْكِ:«وكان يتحدَّثُ به فيُقرُّه ولا يُنكرُه» * [خ¦٤١٤١] بضمِّ الياءِ وتشديد الرَّاءِ؛ أي: يسكُت عليه ويترُك الحديثَ به، فإذا لم يُنكِرْه فكأنَّه أثبتَه وأقرَّه، من القَرار والثَّباتِ، ومنه: الإقرارُ بالشَّيءِ الاعترافُ به كأنَّه أثبتَه، ومنه: إقرارُ المُحدِّثِ لما عُنعِن عليه إذا لم يُنكِره، وفي رواية بعضِهم:«فيَقْرُه» بفتحِ الياء وتخفيفِ الرَّاءِ، كأنَّه بمعنى يُصحِّحه ويُمكِّنه، وفي الحديث نفسِه:«وَقَرَ في أَنفسِكم»[خ¦٢٦٦١] أي: تمكَّن وثبَت.
ومنه:«الوَقَار»[خ¦٥٨] وهو التَّثبُّتُ والسَّكينةُ.
وقوله:«قَرَّت على كتابتِها» أي: بقِيت وثبتَت.
وفي بيعِ الدِّينار بالدِّينار نَساءً:«إنَّ ابنَ عباسٍ لا يقولُه»[خ¦٢١٧٩]، زاد في روايَةِ المروزيِّ:«أو لا يُقِرُّ له» على الشَّكِّ، معناه إنْ صحَّت: لا يُقِرُّ بصحَّةِ هذه الفتوى، والصَّوابُ:«يَقُولُه» بدليلِ قولِه آخِرَ الحديثِ: «كُلُّ ذلك لا أقُولُ».
وقوله:«لا وَقُرَّةِ عَيني»[خ¦٦٠٢]، و «أقرَّ بكَ عيناً»، و «أقرَّ الله عينَ نبيِّها» معناه: رؤيةُ الإنسانِ ما يُسَرُّ بِه، وبُلوغُه ما يُوافقُه، وإذا كان ذلك بقِيت عينُه باردةً قارَّةً، والقُرُّ البردُ، وإذا كان ضدَّ ذلك أبكَت الحالُ عينَه، فسَخِنت من الدُّموعِ. ومنه قولهم: أسخَن الله عينَه، كذا سمِعتُ الأستاذَ أبا الحسنِ بنَ الأخضرِ يُفسِّره، وهو قولُ الأصمعيِّ، وقال غيرُه: إنَّما هو من القَرارِ والثَّباتِ، يُقال للإنسانِ ذلك؛ أي: بلَّغكَ الله أملَك فقرَّت عينُك، ولم تطمَح إلى أملٍ؛ إذ قد بلَغتَه وقرَّت عينُك مِن تَطلُّعِها إليه، وقيل: لأنَّ دمعةَ السُّرورِ باردةٌ، ودمعةَ الحُزنِ حارةٌ، قال الداوديُّ: يعني بـ: «قُرَّةِ عيني» النَّبيَّ ﷺ.
وقوله:«وَلِّ حارَّها مَنْ تَولَّى قارَّها» أي: بارِدَها، يريد نعيمَها وهنِيئَها.
ومنه:«الغنيمةُ الباردةُ» أي: الهيئةُ التي ليس فيها قِتالٌ، وقد تقدَّم بيانُه في الحاءِ.
وقوله:«كلَيلِ تِهامةَ لا حَرٌّ ولا قُرٌّ»[خ¦٥١٨٩] بضمِّ القاف، يريد البردَ؛ أي: معتدلةٌ، قيل: معناه لا ذو حَرٍّ ولا ذو قُرٍّ، وصفَها كما قيل: رجلٌ عدلٌ، ويَحتمِل أن يريدَ: لا حَرَّ فيها ولا قرَّ، فحُذف استخفافاً.