للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أي: السَّلامةُ لكم، وقيل: معنى «السَّلامُ علَيكُم»؛ أي: الله معَكُم، كما يقال: الله حافِظُك وحائِطُك، أو حفظُ الله علَيكُم.

وفي خَبرٍ: «السَّلامُ اسمٌ من أَسماءِ اللهِ فَأفشُوه بَينكُم».

وقوله: «ما مِنكم من أحدٍ إلَّا وقد وُكِّلَ به قرِينُه … قيل: وأنت؟ قال: وأنا إلَّا أنّ الله أعانَنِي علَيه فأسْلَم» روَيناه بالضَّمِّ والفَتحِ، فمَن ضمَّ ردَّ ذلك إلى النَّبيِّ ؛ أي: فأسلَمُ أنا منه، ومن فتحَ ردَّه إلى القَرِينِ؛ أي: أسلَم، من الإسْلامِ، وقد رُوِي في غير هذه الأُمَّهات: «فاستَسْلَم».

وقوله: «ما كان من أرضِ سَلْم ففيها الزَّكاة» [خ¦٢٤/ ٦٦ - ٢٣٦٠] كذا لجُمهورِهم بفتح السِّين، ومعناه أرض إسلام، وعند أبي ذرٍّ: «أرض السَّلام» مُعرَّفة، وكذا جاء في رِوايَة النَّسفيِّ: «أرض الإسْلامِ»، وعند الجُرجانيِّ: «أرض مُسلم».

وقوله: «أسْلمُ سَالمهَا الله» [خ¦١٠٠٦] من مُجانَسَة الكَلامِ؛ لأنَّ من سالَمْتَه لم يرَ منك ما يَكرَه، فكأنَّه دُعاءٌ لها بأنْ يصنَعِ الله لها ما يُوافِقُها، ويكون «سَالمَها» بمعنى: سلَّمها، وجاء بفاعل، كما قال: قاتَلَه الله بمعنى قتَلَه.

وقوله: «إنَّ سَيِّدَ الحيِّ سَليمٌ» [خ¦٥٠٠٧] أي: لدِيغٌ، يقال: لمن لدَغه ذواتُ السُّمومِ: سَلِيمٌ، على معنى التَّفاؤُل بسَلامَتِه من ذلك، وقيل: سُمِّي بذلك لاستِسْلامِه لما به.

وقوله: «أسلِم تَسلَم» [خ¦٧] الأوَّلُ بكَسرِ اللَّامِ من الإسْلامِ، والثَّاني بفَتحِها من السَّلامةِ.

وأصلُ الإسْلامِ: الانقِيادُ، وفرَّق في حَديثِ جبريلَ بينه وبين الإيمان، فجعل الإيمان باطناً بما تعلَّق بعَملِ القَلبِ، والإسلام ظاهراً بما تعلق بعَملِ الجَوارحِ، وهذا نحو قوله: ﴿قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات: ١٤] ففرق بينَهُما، وقد جاء أيضاً بمعنًى واحدٍ، ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الذاريات: ٣٥ - ٣٦].

وأصلُ الإسْلامِ: الطَّاعةُ والانقيادُ، ومنه قوله تعالى: ﴿وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾ [البقرة: ١٢٨]، وأصلُ الإيمانِ: التَّصديقُ، ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا﴾ [يوسف: ١٧]، فإذا جاءا مُفتَرِقَين فعلى أصلِ الوَضعِ في اللُّغةِ، وإذا جاءا مُجتمِعَين بمعنىً، فعلى مُشارَكتِهما في مَعنَاهما؛ لأنَّ العملَ في الجَوارحِ طاعَةٌ لله، وتصديقٌ لأوامِرِه ووَعدِه ووَعِيدِه وإيمانٌ بذلك، ولأنَّ الإيمانَ بالقَلبِ طاعةٌ لله وانقيادٌ لأوامِرِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>