الفِطر» [خ¦١٥٠٣] قيل: قدَّرها وبيَّنَها، وهو مذهبُ بعضِ أهلِ البَصرةِ وبعضِ أهلِ الحجازِ من الفقهاءِ، ومنه قوله تعالى: ﴿أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٦]، وفَرَضَ الحاكمُ النَّفقةَ للمرأةِ؛ أي قدَّرها، وقيل: معنى «فَرَضَ زَكاةَ الفِطرِ» ألزَمها وأوجبَها، وهو مذهبُ أكثرِ المالكيَّةِ وأهلِ العراقِ.
وفرَّق بعضُهم بَين فرَضَ بالتَّخفيفِ وفرَّضَ بالتَّشديدِ، فبالتَّشديدِ بمعنى: فصَّل وبيَّن، وبالتَّخفيفِ بمعنَى: ألزمَ، وعليه تأوَّلوا القِراءتَينِ في قوله تعالى: ﴿سورة أَنزَلْنَاهَا وَفَرَّضْنَاهَا﴾ [النور: ١] قراءةُ التَّخفيفِ بمعنَى: ألزمناكُم العملَ بما فيها، وبالتَّشديدِ بمعنى: فصَّلناها وبيَّنا ما فيها.
وقوله:«هذه فريضَةُ الصَّدقةِ التي فَرَض رسولُ الله ﷺ على المسلمينَ، والتي أمرَ الله بها رسولَه»[خ¦١٤٥٤] بمعنَى: قدَّرها؛ لأنَّه قد بيَّن أنَّ الله هو الذي ألزمَها وأمرَ بها.
وقوله:«مَن مَنَع فَريضَة من فَرائِضِ الله -إلى قوله- كانَ حقّاً على المسلمينَ جِهادُه» ظَاهِرهُ ما وجبَ عليه إخراجُه في الزَّكاةِ، وهي الفَريضةُ التي تَلزَمُه، وقيل: إنَّه على عمومِه في سائرِ الفرائضِ المشروعةِ.
وقوله في الفَريضةِ:«تَجِبُ على الرَّجلِ فلا تُوجَد عِندَه» أي: ما يجبُ إخراجُه من سِنٍّ في الزَّكاةِ.
وقوله:«صَدَقة الفَرْضِ من غيرِها» يريدُ العينَ، وقوله:«فلم يَستَثنِ صَدَقَة الفَرْضِ» بسكونِ الرَّاءِ، يحتملُ أنَّه يريدُ العينَ، يقال: ما له فرضٌ ولا عرضٌ، ويحتملُ أنَّه أرادَ بالفرضِ هنا الواجبَ.
وقوله في قيامِ رمضانَ:«خشيتُ أن يُفرَضَ عليكم» قيل: خشيَ أن يكونَ ذلك فرضاً من الله، فرغبَ في التَّخفيفِ عن أمَّته، وقيل: يحتملُ أن يريدَ: يعتقِدَها من يأتي فرضَاً إذا أدركَ المداومةَ عليها في الجماعةِ.
وقوله:«في كُلِّ أُنملةٍ من الإبِل ثلاثُ فَرائِض، وثُلث فَريضةٍ» يُرِيد إعدادَ ما يُؤخَذ من الإبلِ في الدِّيةِ، وسُمِّيت فريضةً لتقديرها بذلك، أو لأنَّها أُلزِمت عِوضَ ذلك، وكذلك يحتملُ الوجهَين في قوله:«هذه فَرِيضَةُ الصَّدقة التي فَرَضها رسولُ الله»[خ¦١٤٥٤].
وقوله:«فرَكَضَتنِي فَريضةٌ من تلك الفَرائِض»؛ أي:«نَاقَةٌ»[خ¦٧١٩٢] كما قالَ في الحديثِ الآخرِ، سُمِّيت بذلك لأنَّها كانت من إبلِ الصَّدقةِ، كما تقدَّم، وقيل: الفَرِيضةُ هنا: المُسِنَّة، والأوَّلُ الصَّوابُ.