وبمعنَى: وسَط، قال الله تعالى: ﴿فِي سَوَاء الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٥٥]، وبمعنى: حذاء، وبمعنَى: قصد، وبمعنَى: مستو، وبمعنَى: عدل، ومنه: ﴿سَوَاء السَّبِيلِ﴾ [القصص: ٢٢]، ويقال فيهما أيضاً: سِوًى مكسوراً منوَّناً، وسواء بمعنى: مستوى، وسوى مقصوراً بمعنى: غير، وسَواء أيضاً مفتوحاً ممدوداً بمعنَى: غير، وأنشَد أبو عليٍّ:
وما قصَدت من أَهلِها لِسوَائكا
وقوله:«حتَّى سَاوَى الظِّلُ التُّلولَ»[خ¦٦٢٩] يحتَمِل أن معناه ساوى امتِداده ارتفاعها؛ وهو قدرُ القامةِ، وقال الدَّاوديُّ: معناه: أنَّ الظِّلَّ غطَّى المكان كلَّه، وارتَفَع مع الجانبِ الآخَر، وهذا وهمٌ، هذا إنَّما يكون بعد العَصرِ.
وقوله:«فَلمَّا استَوتْ … على البَيدَاءِ» أي: استقَلت قائمَة، كما قال في الحَديثِ الآخَرِ:«انبعَثَت … قائمة» * [خ¦١٦٦].
وقوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الرعد: ٢] قال ابنُ عرفَةَ: الاستِوَاء من الله تعالى: القَصدُ للشَّيءِ والإقبالُ عليه، ومعنى قوله هذا: فعلٌ يفعَلُه به أو فيه، وهو نحو قول الأشعريِّ: فعَل فيه فِعلاً سمَّى نفسه بذلك، وقول بعضِهم: هو إظهارٌ لآياته لا مكانٌ لذاته، وقولِ آخرين في تَأويلِه يَفعَلُ الله ما يَشَاء، وقد نُقلِ مثل هذا عن سُفيانَ، وقيل: هو استِوُاء عَلاءٍ، وقال أبو العالِيَة: استَوَى: ارتَفَع، وقيل: استَوَى بمعنَى: العلُوُّ بالعَظمةِ، وقيل: ﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ أي: هو أعظَم شأناً منه، وقيل: استَوَى قهَر، وقيل: ﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ أي: علا بذَاتِه، وقيل: قدر، وقيل: استَوْلى، وأنكَر هذين القَولَين غيرُ واحدٍ؛ لأنَّ القُدرةَ من صفات الذَّاتِ، ولا يصِحُّ فيها دخول ثمَّ؛ إذ هي لما لم يكن بخلاف صِفات الأفْعالِ.
وكذلك قوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء﴾ [البقرة: ٢٩] أي: قصَد، كما قال ابنُ عرفَةَ، وقال ابنُ عبَّاسٍ: ﴿اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء﴾ صعد أمره، وقيل: العرشُ هنا: المُلكُ؛ أي: حوى عليه وحازَه، وقيل: استَوى راجعٌ إلى العَرشِ؛ أي: بالله وسُلطَانه استَوَى.
وقيل: استَوَى من المُشكِل الَّذي لا يُعلَم تأويله إلَّا الله، وعلينا الإيمان به والتَّصديق والتَّسليم وتفويض علمه إلى الله تعالى، وهو صحيحُ مَذهبِ الأشعريِّ وعامَّة الفُقهاءِ والمُحدِّثين والصَّواب إن شاء الله.
وقوله:«سوِيٌّ أو غير سَوِيٍّ» السَّوِيُّ: المُعتدِل الخَلقِ المُستَوي التَّامُّ، وهو ضِدُّ المعوجِّ والنَّاقص.