قال ثابتٌ: وقد يكون الإحْلالُ: الحِلاقَ، ومنه قوله:«وأحلَّه مُحرِّش» أي: حلَقه في خبرِ عُمرةِ الجِعرَّانة، و «أُحِلُّ عليكم رِضواني»[خ¦٦٥٤٩] أي: أنزَله بكم وأشعَركم إيَّاه، وكلُّ هذه الألفاظِ متكرِّرةٌ في هذه الكتبِ وآثارِها.
وقوله:«استَحلُّوا العُقوبةَ» أي: وجَبت عليهم كما تقدَّم؛ أي: استَوجَبوا أن تَحُلَّ بهم، أو استَحقُّوا أن تجِب عليهم، وكذا رواه القَنازعيُّ:«استَحقُّوا» بالقاف.
وقوله:«وحلَّتْ له شَفاعَتي»[خ¦٦١٤] قيل: غَشِيتْه وحلَّت عليه، قيل: وجَبت وحقَّت.
وقوله في حديثِ عيسى ﵇:«فلا يحِلُّ لكافرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسه إلَّا ماتَ» معناه عندي: حقٌّ واجبٌ واقعٌ، كقوله: ﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٥] أي: حقٌّ وواجبٌ، وقيل:«لا يَحِلُّ» لا يُمكِن، كذا روَيناه بكسرِ الحاء، ورأيتُه في أصلِ ابنِ عيسى بضمِّها، ولعلَّ ما بعدَه «بكافرٍ» بالباء، و «يَحِلُّ» من الحُلول والنُّزول، والأوَّلُ أظهَرُ؛ بدليلِ بقيَّةِ الحديث.
وقوله:«ولا يَحُلَّ المُمرِضُ على المُصِحِّ»، و «ليَحْلُلِ المُصِحُّ حيثُ شاء» بضمِّ الحاءِ في الأولى، وضمِّ اللَّام في الثَّانية؛ أي: يَنزِل.
وقوله:«حَليلَةَ جارِكَ»[خ¦٤٤٧٧]، و «غيرَ ذاتِ حَليلِ»[خ¦٩٢/ ١٧ - ١٠٥٣١] كلُّه بالحاءِ المهملةِ، الحليلةُ: الزَّوجةُ، والحليلُ الزَّوجُ، قيل: سُمِّيا بذلك؛ لأنَّهما يحِلَّان بموضِعٍ واحدٍ، والجمعُ: حلائلُ، قال الله تعالى: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ﴾ [النِّساء: ٢٣]، وقد تُسمَّى الجارةُ أيضاً حليلةً؛ لنُزولها مع جارتِها.
قوله:«وحُلَّةَ سِيَراءَ»[خ¦٨٨٦]، و «حُلَّةُ سُنْدُس»، و «حُلَّةُ حِبَرةٍ»[خ¦٣٨٦٤]، و «حُلَّة حَريرٍ»[خ¦٢١٠٤] كلُّه على الإضافةِ، لكنَّ بعضَهم يجعَلُ «سِيَراءَ» نعتاً، ويروِيه «حلَّةً» بالتَّنوين، وقال الخَطَّابيُّ: قيل: «حلَّةٌ سِيَراء» كما قيل: ناقةٌ عُشَراء، وكان أبو مروان بن سراج ينكِرُه ويضبِطه على الإضافة، وكذلك ضبَطناه على ابنِه وغيرِه من شيوخِنا المتقِنِين، قال سيبويه: لم يأتِ فِعَلاءَ صفةً إلَّا اسماً، نحو: سِيراء، وهي ثيابٌ ذواتُ ألوانٍ وخطوط كأنَّها السُّيورُ، وهي الشِّراكُ يُخالِطُها حريرٌ، وقال الخليلُ وغيرُه: هو ثوبٌ مضلَّعٌ بالحرير،