والثَّاني على طَريقِ الخبَر أنَّ مَن سأل اعتاد ذلك فلم يشتَغِل بغيره.
وقيل: الأخير بالياء هو الأبعَدُ، والأَخِرُ بغيرِ ياءٍ الغائبُ، وفي «تَفسير ابنِ مُزَينٍ»: الأَخِرُ اللَّئيمُ، وقيل: هو البائسُ الشَّقيُّ، وأمَّا الآخِرُ ضدُّ الأوَّلِ فمَمدودٌ، وكذلك الأخيرُ بمعنى المُتأخِّرِ ضدُّ المُتقدِّمِ، وكذلك الآخَرُ بفَتحِ الخاءِ بمعنَى الثَّاني ممدود، ومنه في المُلاعَنَةِ:«وأمَرَ أُنَيسًا أن يأتِيَ امرَأَةَ الآخَرِ»[خ¦٦٦٣٣] بالمدِّ والفَتحِ، وروَاه هنا ابنُ وضَّاحٍ:«الأخير».
وفي الحَديثِ الآخَرِ:«أَخِّرْ عنِّي يا عُمَرُ»[خ¦١٣٦٦] أي: أخِّرْ عنِّي قولَكَ أو رأْيَك أو نفسَكَ، فاختَصَر إيجازًا وبلاغةً.
قولُه في البيتِ المَعمورِ والمَلائكةِ:«إذا خرَجُوا منه لم يعُودُوا آخِرُ ما علَيهم»[خ¦٣٢٠٧] كذا رَوَيناه برَفعِ «آخِرُ» وفَتحِها، ومعناه: أنُّه آخِرُ دُخولِهم إيَّاه، كأنَّه قال: ذلكَ آخِرُ ما عليهم، يقال: لقِيتُه آخَرِيَّاً وبآخَرَةٍ بفَتحِهما، ولقِيتُه بأخَرَةٍ بالفَتح والكَسر معًا في الهَمزةِ والخاء مَفتُوحة، والضَّمُّ أوْجُه، وأمَّا الفتحُ فمعناه الظَّرف، ومعنى «ما عليهم» أي: مِن دُخُوله.
وذكر في الحَديثِ:«آخِرةُ الرَّحْلِ»[خ¦٥٩٦٧] ممدُود، عُودٌ في مُؤْخِرِه، وهو ضِدُّ قادِمَته، وفي بعضِ الأحاديثِ:«مُؤْخِرَةُ»[خ¦٥٠٧] بهَمزةٍ ساكنة وكسر الخاء، وذكَر أبو عُبيدٍ: أَخِرَة ومُؤخِرَة بكسر الخاء كما تقدَّم، وضبَطه الأَصيليُّ بخَطِّه مرَّة في البُخاريِّ بفَتحِ الميم وسُكونِ الواو وكَسرِ الخاء، ورواه بعضُهم «مُؤَخَّرَةُ» بضمِّ الميم وفَتحِ الهَمزةِ وتَشديدِ الخاء مَفتُوحةً، وأنكَر ابنُ قُتَيبة: مُؤخَّرَة، وقال ثابت: مُؤخِرةُ الرَّحلِ ومُقدِمته، ويجوز قادِمَته وآخِرَته، وقال ابنُ مَكِّي: لا يُقال مُقدِم ولا مُؤخِر بالكَسرِ إلَّا في العَين خاصَّة، وفي غَيرِها بالفَتحِ.
وقوله في رُوحِ المُؤمنِ والكافرِ:«انطلِقُوا بها إلى آخِرِ الأَجَلِ» يعني-والله أعلم-: مُنتهَى مُستقرِّ أرواحِ المُؤمنِين عند سِدْرة المُنتهى، وأرواح الكافرين في سِجِّين على ما جاء في الأخبار الأُخَر، ومَفهُوم كتاب الله تعالى.