«ذَكَره»، وهو الأصحُّ؛ لأنَّ المرويَّ عن الحسَنِ كراهةُ الوُضوءِ به، وعليه يدلُّ سياقُ كلامِ البُخاريِّ وترجمتُه، وعن أبي العَالِيَةِ نحوُه.
وقولُ عائشَةَ ﵂:«علَيكُم السَّام والذَّام» الرِّواية بغَيرِ همزٍ عند الكافَّة وذالٍ مُعجَمة، وعند العذريِّ:«والهَام» بالهاء، فعلى رِوَايةِ الكَافَّة؛ إمَّا أنْ يقال: إنَّ الألفَ مُنقلِبةٌ من هَمزةٍ، والذَّأم بالهمزِ: العَيبُ، يقال: ذَأَمَه يَذْأَمُه ذَأْماً، قال الله تعالى: ﴿اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا﴾ [الأعراف: ١٨] أي: مَعِيباً، أو تكون أيضاً مُنقلِبَة من ياء بمعناه، يقال منه: ذامَه يَذيمُه ذاماً بغير همزٍ، وكذلك ذمَّه يذمُّه ذمّاً، وذَماه يُذْميه، كلُّه بمعنًى.
وقد ذكَر الهروِيُّ هذا الحديثَ فقال:«علَيكُمُ السَّام والدَّام» بدالٍ مُهمَلةٍ غير مَهموزٍ، وفسَّره: أي: عليكم المَوتُ الدَّائمُ، قال ابنُ الأعرابيُّ: الدَّامُ: الموتُ الدَّائم، وقال ابنُ عرفة: ذَأَمْتُه بالمعجمة مهموز: حَقرْتُه.
وأمَّا روايةُ من رَوَاه «الهام» فإنْ صحَّت فمَحمَلها على معنَى الطِّيَرةِ والشُّؤم؛ لأنَّ العربَ تتشاءَمُ بالهامِ، وهو ذَكَرُ البومِ، أو يراد بالهامِ هنا المَوتُ والهَلاك، كما فُسِّر به السَّام في الرِّواية الأُخْرى على أحدِ التَّفسِيرَين، كقولهم: هو هامةُ اليومِ أو غَد؛ أي: ميِّت، وأصلُه أيضاً من قولِ الجاهِليَّة: إن الميِّتَ إذا مات خرَج من رأسِه طائر يُسمَّى الهام.
وفي القُنوت في حَديثِ أبي كُريبٍ ومحمَّدِ بنِ المُثنَّى:«يَدعُو على رِعْلٍ وذَكْوَانَ» كذا في بعضِ رواياتِ أصْحابِ مُسلمٍ، وعند الكافَّة:«على رِعْلٍ ولِحْيَانَ»، وكذلك عندَهم في حَديثِ ابن ِمُعاذٍ وأبي كُريبٍ أيضاً:«على رِعْلٍ وذَكْوَانَ»، وعند بَعضِهم:«لِحْيَان»، وفي البُخاريِّ من حَديثِ عبدِ الأعلى بنِ حَمَّادٍ:«أن رِعلاً وذَكوانَ وعُصَيَّةَ وبني لِحْيَانَ -وفيه: - يدعو على رِعْلٍ وذَكْوَانَ وعُصَيَّةَ وبني لِحْيَانَ»[خ¦٤٠٩٠].
وفي (بابِ قَتلِ أولادِ المُشرِكين): «سُئل النَّبيُّ ﷺ عن الذَّرارِيِّ من المُشرِكِين يُبَيَّتون» كذا للعذريِّ، وهو وَهْم، والصَّوابُ ما لغَيرِه:«عن الدَّارِ منَ المُشرِكين» أي: المَنزِل والقَرْيَة، بدَليلِ قولِه:«فيُصِيبُ المسلمون من ذَرَارِيِّهم ونِسائِهِم».