واختُلِف في توجيه هذا الحرفِ ومَعناه، فقال الخَطَّابيُّ: صَوابه «ائْرَنْ» على وَزن اعْجَلْ وبمَعناها، وهو من النَّشاطِ؛ أي: خِفَّ واعْجَل لئلَّا تمُوت الذَّبيحة خَنقًا؛ لأنَّ الذَّبحَ إذا كان بغير آلته والشِّفار المَحدُودة خُشِيَ ذلك فيه، قال: وقد يكون «أَرِنْ» على وَزْن أَطِعْ؛ أي: أهلكها ذبحًا، من أَرَانَ القومُ إذا هلكت مَواشِيهم، قال: ويكون «أرْنِ» على وَزْن: «أعْطِ»، بمعنَى أدِمِ الحزَّ ولا تَفتُر، من رَنوْت إذا أدَمت النَّظرَ، قال: ويحتمل أن يكون «أرز» بالزَّاي إن كان رُوِي؛ أي: شدَّ يدك على المحزِّ، ويكون «أرني» بمعنَى «هات»، قال بعضهم: ويكون معنى «أرني» سيلان الدَّم.
قال القاضي ﵀: أفادني بعضُ مَن لقيناه من أهل الاعْتِناء بهذا البابِ أنَّه وقَع على أصلِ اللَّفظةِ وصَحيحِها في كتاب «مسند علي بن عبد العزيز»، وفيه: فقال: «أَرْنَى أو أعْجَل ما أنهَر الدَّم»، كأنَّ الرَّاوي شكَّ في أيِّ اللَّفظَين قال ﷺ منهما، فإنَّ مَقصدَه الذَّبحُ بما يُسرِع القَطْعَ وجَريَ الدَّم وإراحَة الذَّبيحَة ممَّا لا يتردَّ ولا يخنق.
وقوله في البُخاريِّ:«إنَّ بعضَ النخَّاسِينَ يُسمِّي آرِيَّ خُراسانَ وسِجِسْتانَ»[خ¦٣٤/ ١٩ - ٣٢٤٧] بهَمزةٍ مَفتُوحةٍ ممدُودةٍ وراءٍ مَكسُورة وياء مُشدَّدة، كذا صَوابُه، وكذا قيَّده الجُرجانيُّ، ووقَع عند المَروَزيِّ:«أَرَى» بفَتحِ الهَمزةِ والرَّاء، مثل دعا، وليس بشَيءٍ. وهو مَربِطُ الدَّابَّة، وقيل: مَعلفها، قاله الخليلُ، وقال الأصمعيُّ: هو حَبْل يُدفَن في الأرضِ ويُبرَز طرَفه تُشدُّ به الدَّابَّة، وأصلُه من الحَبسِ والإقامةِ، من قولهم: تَأَرَّى الرَّجل بالمَكانِ إذا أقام به، وقال ابنُ السِّكِّيتِ: ممَّا تَضعُه العامَّة غير مَوضِعه قولهم للمَعلف: آري، وإنَّما هو محبسُ الدَّابَّة، وهو الأَواري والأواخي، واحدُها آخي وآري على مثال فاعُول.
ومعنى ما أراد البُخاريُّ: أنَّ النَّخَّاسين كانوا يُسمُّون مَرابط دوَابِّهِم بهذه الأسماء ليُدلِّسوا على المُشتَري بقولهم: كما جاء من خراسانَ وسِجسْتان يعنون مَرابطها، فيَحرِص عليها المُشتري ويظنُّها طريَّة الجلبِ، وأُرَى أنَّه نقَص من الأصلِ بعد «آرِيَّ» لفظ «دَوابِّهم».