للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إثباته أو سُقوطه، ويحيى إنَّما شكَّ هل سمِعَ في الحديثِ زِيادَة اسمِ جُوَيرِية أو إنَّما سَمِع ابنة الحارث فقط، ثمَّ نفى الشَّكَّ عن نَفسِه بعد قوله: (أحسِبُه قال: جُوَيرِية، فقال: أو الْبتَّة) أي: إنِّي أُحقِّق أنَّه قالها، ومثل هذا في حديث يحيى بنِ يحيى كثيرٌ، وسَنذكُر منه في مَوضِعه إن شاء الله.

وكذلك روَى حديثَ إدامِ أهلِ الجنَّة: «بَالَامٌ» [خ¦٦٥٢٠] فقال: (باللَّأَى) يعني: الثَّورَ.

وهكذا وجَدتُ معظماً من شيُوخنا قد أصلَح في كتابه من مُسلمٍ في حديث أمِّ زَرعٍ من رِوايَته عن الحُلوانيِّ عن موسى بنِ إسماعيلَ عن سَعيدِ بنِ سلمَةَ في قوله: «وعَقْرُ جارتِها» فأصلَحه (وعُبْرُ جارَتِها) بالباء وضَمِّ العين اتِّباعاً لما رواه فيه ابنُ الأنباريِّ، وفسَّره بالاعتبار أو بالاستعبار على ما سَنذكُره؛ إذ لم ينفَهِم له ذلك في (عَقْر)، والمعنيان بيِّنان في (عَقْر)؛ إذ هو بمعنى الحيرَة والدَّهَش، وقد يكون بمعنى الهلاك، وكلُّه بمعنَى قوله في الرِّواية المَشهُورة: «وغَيْظُ جارَتِها» [خ¦٥١٨٩]، وسنبيِّنه في موضعه إن شاء الله بأشبَعَ من هذا في أمثلةٍ كثيرةٍ نَذكُرها في مواضِعِها، إلَّا قصَّة جُلَيبِيبٍ، فهذا اللَّفظ ليس في شيءٍ من هذه الأصُولِ.

فبحَسب هذه الإشْكَالات والإهمالاتِ في بعض الأمَّهات واتِّفاق بيان ما يَسمَح به الذِّهنُ ويقتَدِحُه الفِكرُ مع الأصحابِ في مجالس السَّماعِ والتَّفقُّهِ، ومَسِيس الحاجة إلى تحقيقِ ذلك ممَّا تكرَّرَ عليَّ السُّؤال في كتابٍ يجمَعُ شَوارِدَها، ويسدِّدُ مَقاصِدَها، ويبيِّنُ مُشكِل مَعناها، ويَنُصُّ اختلافَ الرِّواياتِ فيها، ويُظهِر أحقَّها بالحقِّ وأولاها.

فنَظرتُ في ذلك فإذا جُمْعُ ما وقَع من ذلك في جماهيرِ تصانيف الحديثِ وأمَّهاتِ مَسانيدِه ومَنشُوراتِ أجزائه يطُولُ ويكثُرُ، وتتبُّع ذلك ممَّا يشقُّ ويعسُر، والاقتصار على تفاريقَ منها لا يرجع إلى ضبطٍ ولا يُحصَر.

فأَجمَعتُ على تحصيل ما وقَع من ذلك في الأمَّهات الثَّلاثِ الجامعةِ لصحيح الآثار الَّتي أُجمِع على تَقدِيمها في الأعصار، وقبِلَها العلماءُ في سائر الأمصار، كُتُبُ الأئمَّة الثَّلاثة: «المُوطَّأ» لأبي عبدِ الله مالكِ بنِ أنسٍ المَدنيِّ، و «الجامع الصَّحيح» لأبي عبدِ الله محمَّد بنِ إسماعيلَ البُخاريِّ، و «المسند الصَّحيح» لأبي الحسينِ مُسلمِ بنِ الحجَّاجِ النَّيسابوريِّ.

إذ هي أصولُ كلِّ أصلٍ، ومُنتهَى كلِّ عملٍ في هذا الباب وقولٍ، وقدوةُ مدَّعي كُلِّ قُوَّة بالله في

<<  <  ج: ص:  >  >>