للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

«المسيح» [خ¦٨٦] ولم يُختَلَفْ في ضبطِ اسمِه كما سمَّاه الله في كتابِه، واختُلِفَ في معناه، فقيل: لأنَّه كان إذا مسحَ ذا عاهةٍ برَأ، وقيل: لمسْحِه الأرضَ وسياحتِه فيها، فهو على هذا فعيلٌ بمعنى فاعِل، وقيل: لأنَّه كان ممسوحَ الرِّجْلَ لا أخمصَ له، وقيل: لأنَّ اللهَ مسحَه؛ أي: خلقَه خلْقاً حسَناً، والمَسْحة: الجمالُ والحُسْنُ، وقيل: لأنَّ زكرياءَ مسحَه، فهو هنا بمعنى: مفعول؛ أي: ممسوح، وقيل: هو اسمٌ خصَّه اللهُ به، وقيل: هو الصِّدِّيق.

وقال: وأمَّا «المسيحُ الدَّجَّالُ» [خ¦٨٣٢] فاختُلِفَ في لفظِه ومعناه، فأكثرُ الرُّواةِ وأهلِ المعرفةِ يقولونَه مثلَ الأوَّلِ، وكذا قيَّدناه في هذه الأصولِ عن جمهورِهم، ووقع عند شيخِنا أبي إسحاقَ في «الموطَّأ»: بكسرِ الميم والسِّين وبتثقيلِها أيضاً، وحكاه شيخُنا القاضي أبو عبد الله التَّجيبيُّ عن أبي مروانَ بن سِراجٍ، وقال: مَنْ كسرَ الميمَ شدَّدَ، مثل شِرِّيب، وأنكر هذا الهَرويُّ وقال: ليس بشيءٍ، وخفَّفَ غيرُه السِّينَ، وكذا وجدتُه مقيَّداً بخطِّ الأصيليِّ في كتابِ الأنبياءِ، قال بعضُهم: كُسِرَتِ الميمُ فيه للتفرِقةِ بينه وبين عيسى .

وقال الحربيُّ: بعضُهم يكسِرُها في الدَّجَّالِ ويفتَحُها في عيسى، وغيرُ هؤلاءِ يأبَون هذا كلَّه، وأنَّه لا فرْقَ بينَ الاسمَينِ في فتحِ الميم وتخفيفِ السِّين، وإنَّ عيسى مسيحُ الهدى، وهذا مسيحُ الضَّلالةِ، وقد ورد مثلُ هذا في حديثٍ، وقال أبو الهيثمِ: المسيحُ: بالحاء المهملة ضدُّ المسيخ بالخاء المعجَمةِ، مسحَه اللهُ إذا خلقَه خلْقاً حسَناً، ومسخَه إذا خلقَه خلْقاً ملعوناً، وقال أبو بكرٍ الصَّدَفيُّ: أهلُ الحديثِ يفرِّقونَ بينهما، وبعضُ أهلِ اللُّغةِ يقولون للدَّجَّال: بكسر الميم وتشديد السِّين، وأكثرُهم لا يرَونَ ذلك، وقال الأميرُ أبو نَصْرٍ: سمعتُه من الصُّوريِّ: بالخاء المعجَمةِ، وقيل: سمِّيَ مسيحاً لمسحِ إحدى عينَيه، والمسيحُ: الممسوحُ العينِ.

قال أبو عُبَيدٍ: وبه سمِّيَ الدَّجَّالُ، فيكون بمعنى مفعول، وقيل: لمسحِه الأرضَ، فيكون بمعنى فاعِل، وقيل: التِّمسَح والتِّمْساح: المارِدُ الخبيثُ، فقد يكون فعيلاً من هذا، وقال ثعلبٌ في «نوادرِه»: التِّمْسَحُ والمِمْسَحُ: الكذَّابُ، فقد يكونُ من هذا أيضاً، وبعضُ الشُّيوخِ يقولُه: «المِسِّيخ» بكسر الميم وتشديد السِّين والخاء المعجَمةِ، من المسْخِ، نحو ما حكاه أبو الهيثمِ، وقيل: المسيحُ: الأعورُ، وبه سمِّيَ الدَّجَّالُ، قيل: وأصلُه بالعِبْرانيَّةِ مشيحاً، فعُرِّبَ كما عُرِّبَ موسى.

وقوله في حديثِ سليمانَ: ﴿فَطَفِقَ مَسْحاً

<<  <  ج: ص:  >  >>