وقولُه في حديثِ أم زرعٍ:«وعُبْر جارتِها» بعينٍ مهملةٍ مضمومةٍ وباءٍ بواحِدةٍ، كذا تُقيِّدَ في كتابِ أبي عليٍّ الجيَّانيِّ، وكذا رواهُ ابنُ الأنباريِّ. وفي روايتِنا عن كافَّة شيوخنا و «عَقَرُ» بفتحِ العينِ والقافِ، وكذا في سائرِ النُّسخٍ، ورواهُ الثَّاني:«غَيَرُ» بفتحِ الغينِ المُعجَمةِ والياءُ باثنتينِ تحتَها، وفسَّر ابنُ الأنباريِّ في الرِّواية الأخرَى الأولى بوجهين: أحدُهما من الاعتبارِ وأنَّ جارتَها ترى من حُسنِها وجَمالِها وعفِّتِها ما تَعتبِر به، والآخرُ من العَبْرة؛ أي: أنها تَرى من ذلك ما يَغِيظُها ويُبكيها حَسداً، كما قال في الرِّوايةِ المشهورةِ:«غَيظُ جَارتِها»[خ¦٥٨١٩].
وأمَّا روايةُ الجماعَةِ:«عَقَرُ» بالقافِ؛ فمعناهُ: إما دَهَشُ جارَتِها، يقال: عَقَرَ فلانٌ إذا خَرِق من فَزِعَ، وفي «العينِ»: دهِش، ويكونُ أيضاً من العَقْر وهو الجَرحُ أو القَتلُ، ومنه قولهم: كَلبٌ عَقورٌ، وصيدٌ عقِيرٌ، وسَرْجٌ مِعْقَرٌ إذا كانَ يَجرحُ ظهرَ الدَّابةِ، وهو من معنى ما تقدَّمَ؛ أي: يجرحُ ذلك قلبَها أو يُدهِشها قريبٌ من المعنى الأوَّلِ.
وأمَّا روايةُ النَّسائيِّ:«غَيَرُ» فمنَ الغَيْرَةِ، وهو بمعنى ما تقدَّم، والغَيْرَةُ والغَيَرُ والغَارُ بمعنىً، وأُرى [أنَّ] الشَّيخَ ﵀ قلَّد فيه ابنَ الأنباريِّ فأصلَحه على ما شرَحَه إذ لم يتكلَّم غيرُه ولا هو على هذهِ الألفاظِ التي شرحناها من غيرِ روايتِه. وإذا كانت هذه المعاني صحيحةً مع موافقةِ الرِّوايةِ فلا وجهَ للتَّغييرِ والإصلاحِ.
وقوله:«ما رأيتُ أحداً أرحمَ بالعِبادِ من رسُولِ الله ﷺ» كذا لبعضِ رواةِ مسلمٍ، ولكافَّة شيوخنا:«بالعِيَالِ» وهو أوجَهُ وأشبهُ بمساقِ الحدِيثِ، بدليلِ ما بعده.
وخبرُ موسى والخَضرِ في مسلمٍ:«أنا أعلَمُ بالخبرِ مَن هو، أو عِند من هو» كذا لهم، وعند السَّمرقنديِّ:«أو عَبد» بالباءِ وهو وهمٌ.