وبدَأتُ في أوَّل كلِّ حَرفٍ بالألفاظِ الواقِعَة في المُتونِ المُطابقة لبابه على التَّرتيب المَضمُون، فتَولَّينا إتقان ضَبطِها بحيثُ لا يَلحَقها تصحِيفٌ يُظلِمها ولا يبقَى بها إهمالٌ يُبهِمها.
فإن كان الحرفُ ممَّا اختَلَفت فيه الرِّواياتُ نبَّهنا على ذلك، وأشَرنا إلى الأرجَحِ والصَّوابِ هنالك، بحُكمِ ما يوجَد في حديثٍ آخر رافعٍ للاختِلاف، مُزيحٍ للإشكالِ، مُريحٍ من حيرَةِ الإبْهامِ والإهْمالِ، أو يكونُ هو المَعرُوفَ في كلامِ العَربِ، أو الأشهرَ، أو الأليقَ بمَساق الكلام والأظهَرَ، أو نصَّ من سبَقنا من جَهابِذَة العُلماء وقدوة الأئمَّة على المُخطئ والمُصحَّف فيه، وأدْرَكناه بتَحقيقِ النَّظرِ وكَثرةِ البَحثِ على ما نتقَبَّله من مَناهِجِهم ونَقتَفيه.
وترجَمنا فصلاً في كلِّ حَرفٍ على ما وقَع فيها من أسماءِ أماكِنَ من الأرضِ وبلادٍ يُشكِل تَقيِيدها، ويقلُّ مُتقِنُ أسامِيها ومُجِيدُها، ويقَعُ فيها لكَثيرٍ من الرُّواة تَصحِيفٌ يَسمُج، ونبَّهنا معها على شرْحِ أشْباهِها من ذلك الشَّرحِ.
ثمَّ نَعطِف على ما وقَع في المُتونِ في ذلك الحرفِ بما وقَع في الإسناد من النَّصِّ على مُشكِل الأسماءِ والألقابِ، ومُبهَم الكُنى والأنساب، وربَّما وقَع منه مَن جرى ذكرُه في المَتنِ فأضَفْناه إلى شَكلِه من ذلك الفنِّ.
ولم نتتبَّع ما وقَع في هذه الكتُب من مُشكلِ اسم مَن لم يجرِ في الكتاب إلا كُنيَتُه أو نسَبُه، وكُنية مَن لم يُذكَر في الكتاب إلَّا اسمُه أو لقَبه؛ إذ ذلك خارجٌ عن غرَضِ هذا التَّأليفِ ورَغبةِ السَّائلِ، وبحرٌ عميقٌ لا يكاد يُخرَج منه إلى ساحلٍ، وفي هذا الباب كتُبٌ جامعةٌ كثيرةٌ، وتصانيفُ مَبسُوطة ومُقتَضبة شَهِيرة.
وقد انتُقِد على الشَّيخِ أبي عَليٍّ في كتابه ذِكْرُ أشياءَ من ذلك لم تُذكَر في الكِتابَين بحالٍ، ولو أعطَى فيها التَّأليفَ حقَّه لاتَّسع كتابُه وطال، وفي ذِكْر البَعضِ قدحٌ في حُسنِ التَّأليفِ وغضٌّ، كترجمة الجزَّار والخزَّاز والخرَّاز، وذكَر من يُعرَف بذلك ممَّن في «الصَّحيحين»، وليس فيها من هذه الألقاب مذكوراً حقيقَةً غير يحيى بن الجزَّار، وأبو عامر الخزَّاز، ومَن عداهما فإنَّما فيهما ذكرُ اسمهِ أو كُنيتهِ دون نِسبَتِهِ بذلك، وكذلك ذكَر في الأسماء: بُور وثَور وثُوَب، وليس في «الصَّحيحين» من هذه الأسماء إلَّا ثور وحدَه! وغيرِ ذلك في أسماءٍ وكُنًى ذُكِرت فيه، وإنَّما ذكرنا هاتين التَّرجمتين مِثالاً لعشراتٍ مِثلها.