ما كان يُتأوَّل عليه لو لم يَأتِ الحديثُ إلَّا بهذا اللَّفظِ، لكنَّه قد جاء بألفاظٍ أُخرَ، لا يتفِقُ فيها هذا التَّأويلُ، مثل قوله:«لا تسبُّوا الدَّهرَ فإنَّ الله هو الدَّهرُ» فالوَجهُ فيه التَّأويلُ الأوَّل، لاسيَّما مع قَولِه أوَّل الحديثِ:«يُوذِيني ابنُ آدمَ يسُبُّ الدَّهرَ، وأنا الدَّهرُ».
٣٠٣٤ - وقوله:«لا أحدِّثُ به رهبتَه» بالفَتحِ على المَصدرِ، وكذا قيَّدناه على أبي بَحرٍ، وقد ذكَرنا الخلافَ فيه بمعنَى: من أجل رهبته.
٣٠٣٥ - وقوله:«ساعَتان تُفتَح لهما أبوابُ السَّماءِ-ثمَّ قال- حضرَةُ النِّداءِ، والصَّفُّ في سَبيلِ الله» كذا ضبَطَه الجَيَّانيُّ ومُتقِنُوا شيُوخِنا، وهو الصَّوابُ عَطفاً على «حضرة»، وجر من عَطفِه على «النِّداء»، وهي رِوايةُ أكثَرِهم.
٣٠٣٦ - وقوله:«ثمَّ تكلَّم أبو بَكرٍ فتَكلَّم أبلغَ النَّاس»[خ¦٣٦٦٨] كذا ضبَطْناه بالفَتحِ، ويصِحُّ الرَّفعُ على الفاعل؛ أي: تكلَّم منه رجلٌ بهذه الصِّفةِ.
٣٠٣٧ - وقول عمرَ لحفصَةَ عن عائشَةَ:«لا يغرَّنَّكَ هذه الَّتي أعجَبَها حُسنُها، حبُّ رسولِ الله ﷺ» كذا روَاه البُخاريُّ في كتابِ التَّفسيرِ [خ¦٤٩١٣]، وذكَره في (باب حُبِّ الرَّجل بعضَ نِسائه) مِثلَه [خ¦٥٢١٨] من رِوايَة القابِسيِّ، ومن رِوايَة غَيرِه:«وحبُّ» بالوَاوِ، وكذلك عند مُسلمٍ من رواية ابنِ وَهبٍ، وهو بالوَاو بيِّن لا إشكالَ فيه، والأوَّل بمَعنَاه، وإعرابُه مِثلُه على العَطفِ بغَيرِ الواو، فقد حكَى المازِنيُّ: أكَلتُ لحماً تمراً سمكاً، وقيل: بل «حبُّ» بدَل اشتمالٍ من «حسنها».
٣٠٣٨ - وقوله:«مرَّ كلبٌ رمَت بَعرَة، فلا أربَعةَ أشهُرٍ وعَشراً»[خ¦٥٧٠٦]«أربعة» نصبٌ على الإغراءِ، أو إضمار الفعلِ؛ أي: أكمِلْ أو أتمِمْ أربعةَ أشهُرٍ وعَشراً واصبِرْ، أو على التَّفسيرِ، أي: حتَّى تكمُل عِدَّتك أربعةَ أشهُرٍ وعَشراً …
وقوله:«فلا» بعدٌ لها، ومَوضِعُ سكتٍ ووَقفٍ، وتمامُ الكَلامِ أوَّلاً، ونهيٌ عن الرُّخصةِ في ذلك، ثمَّ أكَّد ذلك مُستَأنِفاً بقَولِه:«أربعةَ أشهرٍ وعَشراً».
٣٠٣٩ - وقوله في فضل السُّبحةِ عن أنسٍ:«وكانَت أمُّه أمُّ أنسٍ أمُّ سُليمٍ كانَت أمَّ عبدِ الله بنِ أبي طلحَةَ، كانت … أمَّ أيمَن»[خ¦٢٦٣٠] الأمُّ في الألفاظِ الثَّلاثِ قيل: رفع الأول باسمِ «كانَت»، والاثنان وصفٌ لها، أو بدَلٌ؛ لأنَّ أمَّه التي ذَكَرَ بيَّن أنه يريد أمَّ أنسٍ، وأنَّ كُنيتها أمُّ سُليمٍ، ثمَّ أخبَر