وهذا كلُّه قد بيَّناه قبلُ وأمثالُه في مَظانِّه فلا نِعيدُه، وممَّا شذَّ عن ذلكَ ممَّا لم يَدخُل في تلكَ الفُصولِ.
٣١٩٤ - قوله في كتاب الفَضائلِ:«ليَأتِينَّ على أحدِكم يومٌ لا يراني، ثمَّ لأن يَرانِي أحبُّ إليه من أهلِه ومالِه معَهم» كذا لكافَّة شيُوخِنا في «صحيح مسلم»، ولبَعضِهم:«معه» على الإفراد، وعند الطَّبريِّ:«يومٌ ثمَّ لا يراني»، قيل: وتقدِيرُ هذا الكَلامِ وتَوجِيهُه على التَّقديمِ والتَّأخيرِ: ليأتِيَن على أحدِكم يومٌ لأنْ يرَاني أحبُّ إليه من أهلِه ومالِه معَهُم ثمَّ لا يراني، وقد نبَّه على نَحوِ هذا إبراهيمُ بنُ سُفيانَ، راوِيَةُ كتابِ مُسلمٍ عنه، فقال: هو عندي مُقدَّم ومُؤخَّر، وقد ضرَب على «لأن»، وعلى ما قرَّرناه جاء مُفسَّراً في رواية سَعيدِ بنِ مَنصُورٍ:«لأن يراني أحبُّ إليه من أن يكون له مثل أهله وماله، ثمَّ لا يراني».
٣١٩٥ - وفي كتاب الأيمانِ والنُّذورِ:«قال: أرَأيتُم إن كانَت أسلَمُ وغِفارُ ومُزينَةُ وجُهينَةُ خيراً من تميمٍ وعامرِ بنِ صَعصَعة وغَطفَانَ … خابُوا وخسِرُوا، قالوا: فقال رسولُ الله ﷺ: والَّذي نَفسِي بيَدِه» كذا في جَميعِ النُّسخِ، قيل: فيه تَقدِيمٌ وتأخِيرٌ؛ أي: قالوا: خابُوا وخسِرُوا، فأُخِّرت «قالوا»، وقيل: نقص منه: «نعم»[خ¦٦٦٣٥].
٣١٩٦ - وقوله في حديثِ المُوصِي أهلَه بحَرقِه:«فأخَذ مِنهُم مِيثاقاً، ففعَلُوا ذلك به ورَبِّي» كذا في مُسلمٍ، قيل: فيه تَقديمُ وتأخِيرٌ، وصَوابُه «فأخَذ مِنهُم مِيثاقاً ورَبِّي، ففعَلُوا ذلك به» وكذا ذكَره البُخاريُّ [خ¦٦٤٨١]، وقد ذكَرناه في حرفِ الرَّاء واخْتِلافَ الرِّوايات والتَّأوِيلَاتِ فيه.
٣١٩٨ - وقوله:«قال: بين كلِّ أذانَين صَلاةٌ ثلاثاً لمن شاء»[خ¦٦٢٤]«ثلاثاً» هنا مُقدَّم بعدَ قال؛ أي: قال ثلاث مِرارٍ هذا الكلامَ على إعادته ﵇ في التَّأكيدِ، وإدخاله مُتوسِّطاً يوهِمُ ويشكِّك، لكن له فائدةٌ، يُفسِّرها قولُه في الرِّوايةِ الأُخرَى:«مرَّتين، ثمَّ قال في الثَّالثةِ: لمن شاء»[خ¦٦٢٧].
٣١٩٩ - وفي (باب المُتشبِّع بما لم يُعطَ) في كتاب مُسلمٍ ذكر حديث: «محمَّد بن نُميرٍ عن وكيعٍ وعَبْدةَ عن هشامِ بنِ عُروَةَ عن أبيه عن عائشَةَ»، وذكَر بَعدَه:«حدَّثنا أبو بكر ابنُ أبي شيبَةَ حدَّثنا أبو أسامَةَ، وحدَّثنا إسحاقُ بنُ إبراهِيمَ حدَّثنا أبو مُعاوِيةَ، كِلاهُما عن هشامٍ بهذا الإسناد»، وذكَر بَعدَه:«حدَّثنا محمَّد بنُ نُميرٍ حدَّثنا عَبْدةُ عن هشامٍ عن فاطِمةَ عن أسماءَ» كذا تَرتِيبُه لابنِ ماهانَ، قال عبدُ الغني بنُ سَعيدٍ: هو خطَأ، وتَرتِيبُه أنَّ حقَّ حديثِ ابنِ أبي شيبَةَ أن يكون آخراً بعدَ حديثِ فاطمةَ عن أسماءَ، وكذا هو للجلُوديّ على الصَّواب.