كان مُنافقًا، ويحتَمِل أنَّه قال ذلك لئلَّا يتَّكِلوا على ذلك ويترُكُوا ما عداه، كما جاء في حَديثٍ آخر بمعناهُ.
وقيل: يحتَمِل أنَّ قصد القائل لذلك ليتركَهُم لاستنباطه وتَفسيرِه من قِبَل أنفُسِهم على طريقِ اختِبارِ مَعرِفَتهم وقَرائِحِهم، وقال ابنُ حَبيبٍ: خوفَ أنْ يَثقُلَ عليهم-إذا أخبَرَهم- الاحتراسُ منها ورجاءَ أن يوفَّقوا للعَملِ بها من قِبَل أنفُسِهم.
قوله:«كلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ له إلَّا الصِّيَامَ فإنَّه لي»[خ¦١٩٠٤] قال الطَّحاويُّ: هو استِثْناء مُنقَطِع مَعناه: لكن الصِّيام لي، إذْ ليس بعَملٍ فيُستَثنى من العَملِ المَذكُورِ، وكذلك قال غيرُ واحدٍ: إنَّه ليس بعَملٍ وإنَّما هو من قَبيلِ التُّروكِ وهذا غيرُ سَديدٍ، وهو عملٌ بالحَقيقَةِ من أعمال القُلوبِ، وإمْساكُ الجَوارحِ عما نُهِيَتْ عنه فيه.
وأمَّا قولُه:«فإنَّه لي» قيل: لكَونِه من الأعْمالِ الخفِيَّة الخالِصَة؛ أي: خالصٌ لي لا يدخُله سُمعَة ولا رِياء؛ إذ لا يُطَّلَع عليه غالبًا، بخلافِ غَيرِه من الأعْمالِ.
والأظهرُ في هذا الحَديثِ أنَّه أشار إلى مَعرِفة الأجُور
وأنَّ أجُورَ عمَلِ ابنِ آدمَ له مَعلُومةٌ مُقدَّرة كما قال آخر الحَديثِ:«الحسَنَةُ بعَشْرِ أمثالِها إلى سبعِ مئةٍ إلَّا الصَّومَ» فأجرُه غيرُ مُقدَّرٍ، وإنَّما ذلك إلى الله تعالى يُوَفِّيه بغَيرِ حِسابٍ.
وفي المِنْحةِ:«أَلَا رجُلٌ يَمْنَحُ أهلَ بيتٍ ناقةً» بفَتحِ الهَمزةِ وتخفيفِ اللَّام على استفتاح الكَلامِ، وعند الجُلُوديِّ:«رجُلٌ» بالضَّمِّ.
وفي حَديثِ العَائنِ:«أَلَا بَرَّكْتَ» بالتَّخفيفِ عند شيُوخِنا على العَرضِ والتَّحضيضِ واللَّومِ، ورواه بعضُهم بتَشديدِ اللَّام بمعنى «هلَّا» الَّتي للَّومِ، وقد تأتي للعَرضِ والتَّحضيضِ هنا.
وفي:(بابِ مَن لم يَستَلِم إلَّا الرُّكنَين اليَمانِيَينِ): «فقال له ابنُ عبَّاسٍ: ألَا تَسْتَلِمُ هذَينِ الرُّكْنَينِ» بالتَّخفيفِ، كذا للجُرجانيِّ، ولغَيرِه:«إنَّه لا يُسْتَلمُ»[خ¦١٦٠٨] على الخبَر المَنفيِّ، وهو الوجهُ الصَّحيحُ في التَّفسيرِ.
في حَديثِ زيدٍ وابنِ أُبَيٍّ من رِوَايةِ عُبيدِ الله بنِ موسَى: «ما أرَدْتَ إلَّا أنْ كذَّبَكَ