النَّبيُّ ﷺ» كذا للجُرجانيِّ، ولغَيرِه:«إلى»[خ¦٤٩٠٤] مخفَّفة بمعنَى الغاية، وكِلاهُما صحيحُ المعنَى، وفي غيرِ هذه الرِّواية:«إلى»[خ¦٤٩٠٠] لجَميعِهم، وهو الوَجهُ البيِّن؛ أي: ما أردتَ بنَقلِ ما نقَلْته وجَنيتَه على نَفسِك بذلك إلى أنْ بلَغَك تكذيب النَّبيِّ ﷺ لك، وتكون «إلى» هنا على أظهَرِ مَعانِيها للغايةِ، وقد تكون هنا بمعنى «في»، وهو أحد وجُوهِها؛ أي: صِرتَ في صِفة مَن كذَّبه ومَنزِلَته، كما قال النَّابغةُ:
كأنَّني … إلى النَّاس مَطْلِيٌّ به القارُ أجرَبُ
أي: في النَّاسِ، وعلى الوَجهِ الآخَرِ؛ أي: لم يُجْدِ عليك ما أرَدتَ وفعلتَ إلَّا تكذيبَ النَّبيِّ ﷺ لك، وقد تكون «إلَّا» هنا للاسْتِثناء المُنقطِع من غير جِنْس المُرادِ.
وأمَّا حَديثُ عمرَ وأبي بَكرٍ ﵄ في قِصة بني تميمٍ في تَفسيرِ سُورَة الحُجراتِ:«ما أرَدتَ إلى-أو: إِلَّا- خِلافِي»[خ¦٤٨٤٧] كذا الرِّوَايةُ في البابِ الثَّاني على الشَّكِّ، وهما بمعنَى ما تقدَّم، وعند الأصيليِّ هنا:«إليَّ» بتَشديدِ الياء «أو إِلَّا خِلافي»، وله وجه؛ أي: ما قصَدتَ قَصْدي إلَّا لخِلافي، والله أعلم.
وفي التَّيمُّم:«فقَالُوا: ألَا تَرَى ما صنَعَتْ عائشةُ؟!»[خ¦٣٣٤] كذا لجَميعِهم، وعند الحَمُّوييِّ والمُستَمليْ:«فقَالُوا: لا تَرَى» على حَذفِ ألفِ الاسْتِفهام، أو نقَّص ألفَ الجمعِ من الخَطِّ، فيكون «ألا» كما للجميع.
وقوله:«ما قضَى بهذا علِيٌّ إلَّا أنْ يكونَ ضَلَّ» يصِحُّ أن تكون على بابها وتكون «ضَلَّ» بمعنى نسِيَ ووَهِم، أو تكون على ظاهرها، والمعنَى وهو ممَّن لا يضِلُّ ولا يوصف بذلك، على طريق الإنكار؛ أي: إنَّ هذا لا يفعَلُه إلَّا مَن ضلَّ.
وفي حَديثِ أضياف أبي بَكرٍ ﵁:«ما لَكُم، أَلَا تَقْبَلوا عنَّا قِراكُم؟!» بالتَّخفيف عند أكثرِ الرُّواة على العَرضِ، وعند ابنِ أبي جَعفرٍ من شيُوخِنا:«أَلَّا» بالتَّشديد على اللَّومِ والحضِّ، أو يكون المعنى: ما منَعكُم منه، وأحوجكم إلى ألا تقبَلُوه، ومِثلُه قوله: ﴿مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: ٣٢]، قيل: معناه ما منَعك أن تكون مع السَّاجدِين، و «لا» زائدةٌ، أو: أيُّ شيءٍ جعَل لك ألَّا تكون مع السَّاجدِين.