المسألة الثالثة: أجمعوا على أنه أثناء الطلوع وأثناء الغروب وأثناء بقاء الشمس في كبد السماء لا تصلى النوافل، وهذا الإجماع يحكيه طائفة من علماء الإجماع، حتى ذوات الأسباب لا تصلى؛ لأن النص فيها صريح، وهو قوله:(ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن أو أن نقبر موتانا: حين تطلع الشمس، وحين تغرب، وحين يقوم قائم الظهيرة)، فهذه الثلاث الساعات نهي عن الصلاة فيها، قالوا: فلا تصلى النافلة في أثناء الطلوع وأثناء الغروب وأثناء انتصافها في كبد السماء، خاصةً في أثناء انتصافها في كبد السماء؛ لأنها ساعة عذاب وليست بساعة رحمة -والعياذ بالله- ولذلك نهى عن قبر الموتى فيها، وفي الصحيح عنه عليه الصلاة السلام أنه قال:(فإذا انتصفت الشمس في كبد السماء فأمسك عن الصلاة؛ فإنها ساعةٌ تسجر فيها جهنم).
قال رحمه الله:[من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، ومن طلوعها حتى ترتفع قيد رمح].
دل حديث ابن عباس المتقدم على النهي عن الصلاة من بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس.
والعبرة بصلاتك لا بصلاة الناس، توضيح ذلك: لو أنك دخلت المسجد بعد انتهاء الجماعة فصليت رغيبة الفجر، أو صليت تحية المسجد، ثم أقمت للصبح فلا حرج؛ لأنه قال:(لا صلاة بعد صلاة الصبح)، فلذلك العبرة بفعلك لصلاة الصبح، وعلى هذا: فلو أوقعت النافلة قبل أدائك لصلاة الصبح فلا حرج.
وقوله:[ومن طلوعها حتى ترتفع قيد رمح] دلّ عليه حديث العيدين: (كان صلى الله عليه وسلم يصلي الأضحى والشمس على قيد رمح، ويصلي الفطر والشمس على قيد رمحين)، وقد بينا فيما سبق أنه أخّر الفطر وعجّل الأضحى؛ لأن الناس يحتاجون في عيد الأضحى إلى الوقت حتى تقع الأضحية في الضحى، وفي صلاة الفطر الناس يحتاجون إلى الوقت لإخراج زكاة الفطر، فأخّر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفطر إلى قيد رمحين، وقدم صلاة الأضحى إلى قيد رمح، فأخذوا من كونه عليه الصلاة والسلام يوقع صلاة الأضحى على قيد رمح أن وقت النهي ينتهي بارتفاع الشمس قيد رمح.