للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أحكام المعتادة]

بينا حكم المرأة المبتدأة فيما مضى، وبعد المبتدأة تأتي المعتادة، فأشار إليها رحمة الله عليه فقال: (فإن تكرر) أي: المبتدأة، ثلاث مرات على وتيرة واحدة.

فانتقل إذن إلى صنف ثانٍ من النساء، وهي المرأة المعتادة التي لها عادة في الحيض، والمرأة المعتادة، قلنا: تثبت عادتها بالعود ثلاث مرات على وتيرة واحدة، ودليل العادة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لتنظر الأيام التي كانت تحيضهن قبل أن يصيبها الذي أصابها) فردها إلى العادة، وهذا يدل على أن العادة محكمة ومعتبرة في الشرع، فإذا جاءتك امرأة وسألتك وقالت لك: إن الدم أصابني هذا الشهر واستمر معي عشرين يوماً فماذا أفعل؟ كم الأيام التي أترك فيها الصلاة والصوم؟ وكم أصلي وأصوم من الأيام؟ ومتى أحكم بكوني طاهرةً فأصوم وأصلي؟ ومتى أحكم بكوني غير طاهرة فلا أصوم ولا أصلي؟ فتقول لها: هل كان الدم قبل هذا الاختلال الذي جاءك لك فيه عادة؟ فإذا قالت: نعم، كان من قبل يأتيني خمسة أيام وينقطع.

فتقول: امكثي خمسة أيام، ثم إذا مضت الخمسة الأيام فاغتسلي وصلي وصومي.

فنردها إلى العادة، سواء كانت عادتها قريبة أو بعيدة، فلو أن امرأة -مثلاً- كانت عادتها خمسة أيام ثم حملت ثم نفست، وبعد النفاس اضطرب الدم معها، فصار يجري معها الدم عشرين يوماً، فاضطربت عليها العادة، يجري يوماً وينقطع يوماً، أو يجري يومين وينقطع ثلاثة، أو أربعة، والتبس أمرها، فتقول لها: كم كنت تمكثين قبل أن يصيبك الذي أصابك؟ فقالت: ستة أيام، فتقول: إذاً عادتك ستة أيام، فاجلسي ستة أيام يجري فيها الدم، ثم احكمي بكونك طاهرةً بعد انتهاء أمد هذه الست.

ففائدة معرفة العادة؛ أنه يحتكم إليها عند اختلال دم المرأة، فإذا اختل وضع المرأة إما لجراحة، أو لمرض، أو لولادة، أو غير ذلك، فحينئذٍ ترده إلى العادة، وكما قلنا: العادة بإجماع العلماء مردود إليها.

قال المصنف رحمه الله: (وتقضي ما وجب فيه).

يعني: في ذلك الأمد، فتقضي الذي وجب فيه من الصوم والصلاة، فإن كانت في رمضان فالواجب عليها الصوم، وإن كانت في غير رمضان فالواجب عليها الصلاة، فتقضي ما وجب فيه، أي: في ذلك الأمد الذي كانت لا تصلي فيه.

وقد مرَّ أن المبتدأة تجلس أقلّ الحيض، ثم تغتسل ثم تصوم وتصلي، هذا بالنسبة للمبتدأة، فإذا مكثت يوماً من الشهر الأول، وأفطرت أربعة أيام، ثم مكثت يوماً من الشهر الثاني وأفطرت أربعة أيام، ثم ثبتت عادتها في الشهر الثالث أنها خمسة أيام، فعليها أن تقضي ما وجب عليها فيه، وهو الصوم، أما الصلاة فإن الحائض لا يجب عليها أن تصلي، فتقول: الأربعة الأيام التي كنت تصومين فيها بحجة أنك طاهرة بعد اليوم والليلة تقضينها ويلزمك قضاؤها كما قررناه سابقاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>