قال رحمه الله:[ومن امتد مرضه بجذام أو سلٍ أو فالج ولم يقطعه بفراش فمن كل ماله والعكس بالعكس].
قوله:(ومن امتد مرضه بجذام أو سلٍ أو فالج).
هذه الأمراض يصاحبها على حالتين: الحالة الأولى: إما أن تقعده عن الفراش وتمنعه من الخروج لقضاء حوائجه، فحينئذٍ لا إشكال أنه في حكم المريض مرض الموت، وأما إذا كان يذهب ويأتي ويقضي أموره ويفعل ما يفعله الصحيح، إلا أنها تؤثر في صحته بعض الشيء، فهذا لا تأثير له فعطيته نافذة وحكمه حكم الصحيح.
إذاً: العبرة فيما ذكر من الأمراض -كالفالج والجذام- أن هذه الأمراض كلها إذا لم تعق صاحبها وتحبسه في بيته فإنها لا تؤثر، ومثل ذلك: الهرم وكبر السن، فالكبير في سنه يضعف في أحواله ويضعف في أموره، ولا يستطيع أن يقضي مصالحه كما يقضيها من هو شابٌ جلد، فحينئذٍ لا نقول: إن الهرم يجعله في حكم المريض مرض الموت ولا يصح تصرفه فيما زاد عن الثلث، بل إنه يعامل معاملة الصحيح، والأمراض كذلك، فإن كان معه هذه الأمراض كالفالج والجذام -نسأل الله السلامة والعافية- ولم تقعده فإنه يكون في حكم الصحيح، لكن إذا أقعدته وألزمته الفراش ثم مات وامتدت إلى الموت، فيعتبر صاحبها في حكم المريض مرض الموت منذُ أن أقعدته، كما إذا أدخل المستشفى ثم لزم المستشفى حتى توفاه الله، فإن كانت عطيته قبل دخوله وكان يذهب ويقضي مصالحه قبل الدخول، مع أنه قرر الأطباء أنه مصاب بهذا المرض، فمثلاً: قرر الأطباء أنه مصاب في بداية محرم، فأعطى عطيةً وهو يذهب ويأتي ويقوم بمصالحه، فأعطى عطيةً، ثم بعد فترة أقعدته على الفراش فأعطى عطيةً ثانية، فالعبرة في عطيته الثانية بالثلث، وأما عطيته الأولى فإنها ماضيةٌ تامة.
وقوله:(ولم يقطعه بفراش).
وهكذا بالنسبة للهرم وكبير السن، إذا أقعده هرمه ولزم الفراش فإنه يصح تصرفه في الثلث فما دونه، ويكون حكمه حكم المريض مرض الموت.
وقوله:(فمن كل ماله والعكس بالعكس).
أي: من امتد مرضه ولم يقطعه بفراشه، بمعنى: أنه لم يعقده، فعكسه من أقعده على الفراش، فإنه يوجب الحكم بكونه في حكم المريض مرض الموت إذا امتد به ومات بسبب ذلك المرض.