بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [باب التيمم].
التيمم مأخوذ من قولهم: تيمم الشيء إذا قصده، ومنه قوله تعالى:{وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ}[البقرة:٢٦٧] أي: ولا تقصدوا رديء التمر والخارج من الأرض لتنفقوا منه زكاة أموالكم، ومن ذلك قول الشاعر: تيممتها من أذرعات وأهلُها بيثرب أدنى دارها نَظَرٌ عالي أي: قصدتها.
فالتيمم القصد.
وأما في الاصطلاح: فإنه القصد إلى الصعيد الطيب بضرب اليدين ومسح الوجه والكفين بنية استباحة الصلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة.
والمراد بالصعيد الطيب: ما على وجه الأرض، سواءً كان تراباً أو غيره، وسواء كان جامداً -كالحجارة ونحوها- أو كان غير جامد.
فقولهم: القصد إلى الصعيد الطيب، المراد به كل ما صعد على وجه الأرض، والعلماء -رحمهم الله- اختلفوا في هذه المسألة، فمنهم من يقول: لا يقصد إلا إلى شيء مخصوص، وهو التراب إذا كان له غبار، وأما إذا لم يكن له غبار فإنه لا يتيمم به.
وقالت طائفة من العلماء: إنه يتيمم بكل ما على وجه الأرض، من الجامد، وغير الجامد كالنباتات التي تغتذي بالماء، قالوا: يجوز أن يتيمم بها ما دامت متصلة بالأرض، كما هو مذهب مالك رحمه الله.
ومنهم من خصّ التيمم بكل ما على وجه الأرض، لكن خصه بما كان من جنس الأرض، فيشمل الحجارة والطين والجصّ والنورة وغير ذلك.
(بضرب اليدين) أي: يقصد إلى الصعيد الطيب مع ضربه اليدين على ذلك الصعيد؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لـ عمار:(إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا) ثم ضرب عليه الصلاة والسلام بكفيه الأرض فمسح بهما وجهه وكفيه، فدل هذا على أنه يشرع التيمم على هذه الصفة، فقولهم: القصد إلى الصعيد الطيب بمسح الوجه والكفين: المراد به قصد مخصوص، وقولهم: بنية استباحة الصلاة، هو أحد أقوال العلماء، والقول الثاني: بنية رفع الحدث، والقول بنية استباحة الصلاة هو الأقوى؛ لأن التيمم مبيح وليس برافع.