للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم مساواة الذكر والأنثى في العطية]

قوله: (يجب التعديل) هذا الوجوب يشمل الوالدين الأب والأم.

وقوله: (في عطية أولاده) الأولاد هنا يشمل الذكر والأنثى، فيسوي بين الذكر والأنثى، فكما أعطى الذكر يعطي الأنثى، لكن هناك فرق بين التسوية في مطلق العطية وبين التسوية في قدر العطية، فكما أعطى الذكر يعطي الأنثى، لكن القدر الذي أعطاه للذكر يكون مثل حظ الأنثيين؛ لأنها قسمة الله من فوق سبع سموات.

ولذلك قال رحمه الله: (على قدر إرثهم)، فجعل للذكر ضعف ما للأنثى، وهذا استحبه جماهير العلماء رحمهم الله والأئمة والسلف، ومنهم من قال: إنه هو الأصل؛ لأن العدل الذي قامت عليه السموات والأرض قسمة الله التي تولاها في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وبهديه، وهو هنا تفضيل الذكر على الأنثى، ونصوص الكتاب والسنة كلها دالة على هذا.

ولا يستطيع أحد أن يرد شيئاً حكم الله به من فوق سبع سموات، فقد خلق آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، ثم خلق حواء من بعد ذلك من آدم، وفرَق بين تكريم آدم بالنفخ بالروح وسجود الملائكة له وتشريفه وتكريمه بهذا الفضل العظيم، ثم جعل خلق الأنثى تبعاً للذكر بقوله سبحانه: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف:١٨٩]، فهي تبع للرجل، وهي نصوص لا يمكن للإنسان أن يرد فيها حكم الله أو أمر الله سبحانه وتعالى من فوق سبع سموات، فلا يستطيع الفقير أن يقول: لم جعلني ربي فقيراً؟ ولا يستطيع الغني أن يقول: لم جعلني ربي أتعذب بغناي؟ فإن هذا حكم الله {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص:٦٨].

فلذلك وجد التفضيل من حيث الخلق والقدرة وصفة الخلق، وكذلك من حيث التكاليف الشرعية، حتى جعل النبوة في الرجال ولم يجعلها في النساء، فالتفضيل من حيث الحقوق والواجبات والتكاليف لا يمكن لأحد أن يكابر فيها، والنصوص الشرعية واضحة فيه.

وإذا ثبت هذا فالعدل أن يجعل ما للذكر ضعف ما للأنثى، هذا هو حكم الله سبحانه وتعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:١١]، ولا يستطيع أحد أن يقول: إن الأنثى تستحق أكثر مما أعطاها الله سبحانه وتعالى؛ فهذه قسمة الله من فوق سبع سموات، وهذا حكمه، وهذا شرعه {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد:٤١] و {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} [الأنبياء:٢٣] سبحانه وتعالى علواً عظيماً.

فقوله رحمه الله: (على قدر إرثهم) إشارة إلى ما ذكرناه من أنه يجعل للذكر ضعف ما للأنثى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>