[كنايات الطلاق الظاهرة]
قال رحمه الله: [وكنايته الظاهرة، نحو: أنت خلية وبرية وبائن وبتة وبتلة وأنت حرة وأنت الحرج].
كناية الطلاق الظاهرة إن نوى الطلاق تقع بالثلاث وتحرم عليه حتى تنكح زوجاً غيره، وعند الإمام أحمد إن لم ينو بها فواحدة، والألفاظ الظاهرة هي: (أنت بتة، بتلة، برية، بائن، خلية، أنت الحرج، أنت حرة)، فيزاد على ما ذكره المصنف: (أنت حرة) فتصبح سبعة ألفاظ.
قوله: (أنت بائن) تكون زوجة الرجل في عصمته فيقول لها: أنت بائن.
والبينونة إما بينونة صغرى وإما بينونة كبرى، فإذا قال لها: أنت بائن، إن كان قبل الدخول، فيستقيم أن تكون طلقة إن نواها، فتطلق طلقة واحدة، ولا تكون ثلاثاً، كما صرح المصنف.
ولهذا إذا قال لها: (أنت بائن) ولم يكن دخل بها، فإنها تبين بطلقة واحدة، وتكون البينونة الصغرى، وفي هذه الحالة إذا نوى الطلاق فإنها تبين بالواحدة، لكن إن كانت مدخولاً بها وقال: قصدت الطلاق، فإنها تطلق ثلاثاً؛ لأن المدخول بها لا تكون بائناً إلا بالثلاث، فلا تحرم على زوجها وتكون بائناً إلا ببينونة كبرى، أما البينونة الصغرى فتكون طلقة رجعية ولا تنفذ حتى تخرج من عدتها، والبينونة الصغرى تحل للزوج بعقد جديد، والكبرى لا تحل إلا بعد نكاح زوج آخر، قال تعالى: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة:٢٣٠] والرجعية تحل له بدون عقد.
فهذا الفرق بين الرجعية البائن بينونة صغرى وبين البائن بينونة كبرى.
ولأجل توضيح هذه الصورة: إذا قال لها: أنت بائن، وقصد الطلقة الواحدة بغير المدخول بها استقام القول، ونيته معتبرة، ولا إشكال في كونه قاصداً لذلك.
لكن لو قال لها: أنت بائن، وقد دخل بها، فبينه وبين الله أنه طلقها طلاقاً تبين منه، ولا تبين المرأة إن كانت في العصمة إلا بالثلاث، كما هو قضاء عمر بن الخطاب وقضاء الصحابة رضي الله عنهم، والعمل عليه عند الأئمة رحمهم الله.
وإذا قال لها: أنت برية، فالمرأة يبرؤها زوجها إذا خرجت من عصمته، فإن كانت في عصمته وقد دخل بها؛ فإنها لا تكون بريئة بالمعنى التام الكامل إلا بالثلاث.
قوله: (أنت بتة) المبتوتة لا تكون إلا بالثلاث، ولذلك تقول امرأة رفاعة: (فبت طلاقي)، وقالت فاطمة رضي الله عنها: (أرسل لها آخر التطليقات وبت طلاقها).
فالمبتوتة هي صاحبة الثلاث.
قوله: (بتلة) كذلك إذا قال لها: أنت بتلة، والبتل: هو قطع الوصال.
فالمرأة البتلة هي التي قطع الوصال بينها وبين زوجها، ولا ينقطع الوصال إلا بالثلاث؛ لأنه لو قلنا في هذه الألفاظ: إنها تعد طلقة واحدة لم تكون مبتوتة من كل وجه، ومن حقه أن يردها، ولم تكن بائنة من كل وجه؛ لأنه من حقه أن يرتجعها.
فقالوا: لا تحمل إلا على الثلاث، وأكدوا ذلك بقضاء علي رضي الله عنه وغيره من الصحابة في ألفاظ الكنايات.
وأما قوله: (أنت الحرج) فالمرأة لا تكون حرجاً على زوجها إلا إذا بانت من عصمته، وانحلت العصمة بدون رجعة، حتى تكون حرجاً عليه، فتكون حرجاً عليه بالثلاث.
فلو حملناه على الواحدة لم يتفق مع اللفظ الذي قاله، فهو يقول: أنت الحرج.
قوله: (أنت حرة) والمرأة لا تكون حرة خالية من زوجها إلا بالثلاث، فتكون بائنة بينونة كبرى.
قوله: (أنت خلية).
تكون المرأة خلية من زوجها، إذا خرجت من عصمته بالطلاق البائن أو من عدتها، وتكون حرة حينئذ، لكنها وهي في عصمته وفي نكاحه، إذا قال لها: أنت حرة، كأنه يقول: قصدت أن تخرجي من عصمتي بالكلية، وهذا لا يكون إلا بالثلاث.
فهذا وجه تخصيص هذه الألفاظ: (أنت بتة، بتلة، بائن، برية، أنت حرج، أنت خلية أنت حرة).
فهذه السبع تعتبر من الكنايات الظاهرة.