وهذا النوع من الصلوات -أعني صلاة الكسوف- يعتبر من صلوات الرهبة، وذلك أن الله عز وجل يرسل بالآيات تخويفاً لعباده، وزجراً لهم، وتنبيهاً لهم من غفلتهم وما هم فيه من الإعراض عنه سبحانه وتعالى، فيرسل الآيات تخويفاً لعباده، وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في خطبته حيث قال:(إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، يخوف الله بهما عباده، لا ينخسفان ولا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)، فنص على أنها آيات يخوف الله عز وجل بها عباده، وذلك بما يعتريهما من الكسوف والخسوف.
فهذه الصلاة المخصوصة التي أُثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حال كسوف الشمس إنما هي صلاة رهبة، والمراد بذلك أن الناس تفزع إلى الله عز وجل وتفر إليه بذكره، وتقف بين يديه بأشرف المقامات وأحبها إلى الله سبحانه وتعالى وهي الصلاة التي قال عليه الصلاة والسلام فيها:(استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة).
وهناك نوع ثانٍ من الصلوات يسمى بصلاة الرغبة، وهي صلاة الاستسقاء، فكما أن صلاة الكسوف للرهبة كذلك صلاة الاستسقاء للرغبة، ولذلك ابتدأ المصنف بصلاة الكسوف ثم أتبعها بصلاة الاستسقاء.