للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم ادعاء الكافر للقيط]

قال المصنف رحمه الله: [ولا يتبع الكافر في دينه، إلا ببينة تشهد أنه ولد على فراشه] المراد بهذا هو الاحتياط لحق اللقيط، لا نقول بكونه كافراً ويأخذ حكم أولاد الكفار إلا إذا قامت البينة، بينما إذا أقر الرجل أو أقرت المرأة نقبل ذلك، ولكن نرفع عنه حكم الإسلام، بل يحكم بكونه مسلماً، فالإقرار من الكافر محدود ولا يتعدى للقيط، فنقبل الإقرار على نفسه، ونضمه إليه، ونحكم بكونه ولده، ولكن لا نحكم بكونه منتقلاً عن الإسلام إلا ببينة تشهد أنه وُلِدَ على فراشه، فأولاد الكفار من حيث الأصل يتبعون آباءهم وأمهاتهم، فيحكم بكفرهم من حيث الأصل العام، وبذلك يعاملون في الظاهر، كما أن أولاد المسلمين يعاملون في الظاهر بحكم المسلمين، فهذا من حيث التبعية، فهناك حكم من حيث الأصل، وهناك حكم من حيث التبعية.

قد يسأل سائل ويقول: قد يتعارض هذا مع حديث: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، لكن لا يوجد إشكال ففي الغالب أنه سيتبع والديه، وهذا من جهة التبعية، والحكم بالكفر يكون بالتبعية، كما أن أبوي المسلم سيبقيانه على الفطرة.

وقوله: (ببينة)، تقدم معنا: أن البينة مأخوذة من البيان، وهي ما يظهر الحق ويكشف وجه الصواب، فالبينة سميت بذلك؛ لأنها تكشف الحق، وتظهر وجه الصواب، فلا يلتبس الأمر بها، وجعل الله عز وجل البينة شهادة الشاهدَيْنِ، إلا ما اشترط أكثر من شاهدين كشهادة الزنا، فهذه البينة إذا ثبتت حكم بها، وهي الشاهدان العدلان.

وقوله: (أنه ولد على فراشه).

أي: أنه ولد على فراش الكافر لقوله صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش)، فراش الكافر زوجته، فيقال: ولد اللقيط على فراشه، فحينئذٍ نلحقه بهذا الكافر؛ لأن الولد للفراش، والفراش هي المرأة، فإن كان زوجها مسلماً فمسلم، وإن كان كافراً فكافر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>