امرأة كانت إذا حاضت لا تقضي الصيام، وكانت لا تصوم أيضاً، وعندما كبرت ندمت، وقالت: يا رب إن أبقيتني حية لأصومنّ ستة أشهر، فصامت منها شهرين ونصف، فما الحكم؟
الجواب
إذا نذر المؤمن أو المؤمنة شيئاً، وكان في ملكه ذلك الشيء؛ لزمه الوفاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)، فأمر عليه الصلاة والسلام الناذر إذا كان نذره نذر طاعة أن يَفِي بنذره، فدل على لزوم النذر إذا التزمه الإنسان.
وإذا عجزت المرأة عن إتمام الصوم، ولم تستطع ذلك؛ فإنه لا وفاء في نذر لا يملكه الإنسان، كما قال صلى الله عليه وسلم:(لا عتق فيما لا يملك، ولا نذر فيما لا يملك)، فإذا كان يتعذر عليها الصوم، أو حصل ما علقت عليه النذر بعد عجزها عن الصوم؛ فإنه يسقط عنها الصوم، وحينئذٍ يرى بعض العلماء أنه يسقط كليّة، وبعضهم يرى أنه يلزمها أن تُكَفِّر؛ لأن نذرها انعقد.
ولا شك أنها إذا عجزت بالكلية، أو وافق وقت الوفاء عجزاً كلياً فإنه يسقط النذر على ظاهر السنة التي ذكرنا.
أما بالنسبة للصوم الذي تركته حينما كانت تحيض، فالصوم الذي تركته يجب عليها قضاؤه، وهو مقدّم على نذرها، فتبدأ أول شيء بالصوم الذي فرضه الله عز وجل عليها وتُبرئ ذمتها منه.
وأما الجهل فليس لها فيه عذر؛ لأن هذا مما يمكن السؤال عنه، والعذر بالجهل يكون في أحوال مخصوصة، ومسائل ضيقة جداً، أما شخص يأتي في ركن من أركان الإسلام، أو في أمر من أمور دينه فرض عليه أن يسأل عنه ويتعلمه، ثم لا يسأل ولا يتعلم، ثم يقول: كنت جاهلاً؛ ثم نعذره بالجهل أبداً.
وذلك مثل شخص يأتي للحج والعمرة، فيفعل ما يشاء في عمرته، ويفعل ما يشاء في حجه، ثم يقول: لم أكن أعلم، فلا يُقبل من ذلك؛ فإن الله قد فرض عليه أن يتعلم، وفرض عليه أن يسأل، وفرض عليه أن يرجع إلى أهل العلم:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل:٤٣]، فيقصِّر في الرجوع ثم نعطيه الرخصة، حاشا وكلا! ومثل هذا ليس بمعذور؛ بل هو مفرِّط، ومن فرَّط أُلزم بعاقبة تفريطه، ومثل هذه المرأة تلزم بقضاء ما كان عليها من الصوم، وإن لم تستطعه تحديداً بنت على تقديرها، وحسبت كم أيام عادتها، ثم بعد ذلك تحسب السنوات التي كان عليها صيام من رمضان فيها، فتقضيها جميعها، والله تعالى أعلم.