[الترتيب في إخراج الزكاة عند العجز عن إخراجها عن الجميع]
قال المصنف رحمه الله: [فإن عجز عن البعض بدأ بنفسه].
أي: فإن عجز هذا الرجل الذي خوطب بالزكاة، وعنده جماعة تلزمه مئونتهم ونفقتهم.
(إن عجز عن البعض) بمعنى: عنده زوجة وعنده أربعة أولاد ذكور وإناث، فحينئذٍ إذا جئنا ننظر إلى الزكاة وإذا بها تبلغ مائة ريال، والذي عنده خمسون ريالاً، فقد عجز عن البعض، وهذه هي صورة المسألة، فإذا عجز عن البعض، فكيف يرتب؟ وهذا من دقة المصنف رحمه الله، فبعد أن ذكر لك الأصل ذكر لك ما يطرأ على الأصل من وجود البعض دون الكل.
قال المصنف رحمه الله: [بدأ بنفسه فامرأته فرقيقه].
أي: يجب عليه أن يُخرج على هذا الترتيب، فيبدأ بنفسه لقوله عليه الصلاة والسلام: (ابدأ بنفسك)، فيبدأ أول ما يبدأ بنفسه، ثم بعد ذلك بزوجته؛ لأن نفقتها متأصلة وليست بعارضة، بخلاف الأجير، أو المملوك، فإذا فضل بعد ذلك ينتقل إلى الرقيق.
قال المصنف رحمه الله: [فأمه فأبيه].
وهما الوالدان.
لكن هل يقدّم الأب، أم يقدّم الأم؟ الصحيح: أن الأم تقدّم، لما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه سأله رجل فقال: (يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك)، قال العلماء رحمة الله عليهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قدّم الأم على الأب، وجعل لها ثلاثة حقوق من أربعة، وجعل للأب ربعها، وذلك لعظيم ما للأم من فضل وإحسان وبر للولد، سواءً كان ذكراً أو أنثى، فعليه أن يبدأ بأمه قبل أبيه، وهذه مسألة مطردة، من أمثلتها: لو مات الوالدان ولم يحجا، فهل يبدأ بالحج عن أمه، أم عن أبيه؟ يبدأ بالحج عن أمه، ويقدمها على أبيه، وقس على هذا، ومنها: مسألة التعارض، فأمرته أمه وأمره أبوه، فأيهما يطيع؟ هذا يحتاج إلى تفصيل؛ لكن لو تساويا في المرتبة فالأم مقدمة على الأب، على تفصيل يذكره العلماء رحمة الله عليهم في باب البر.
قال المصنف رحمه الله: [فولده، فأقرب في ميراث].
(فولده) أي: بعد ذلك يقدم الولد، سواءً كان ذكراً أو أنثى، فيخرج عن أولاده إذا فضل شيء بعد الوالدين.
قال المصنف رحمه الله: [فأقرب في ميراث].
أي: بعد ذلك ينظر إلى الأقرب في الميراث، فابن العم إذا كان مشلولاً عاجزاً عن الكسب، ولزمتك نفقته، وهناك ابن عم ثان؛ لكن الأول ابن عم شقيق والثاني ابن عم لأب، فإن ابن العم الشقيق يُقدم على ابن العم لأب، وقس على هذا، فإن الإخوة الأشقاء يقدمون على الأعمام، فإذا كان هناك أخٌ شقيق عاجز عن الكسب وتلزمك نفقته وهناك عم شقيق، فتقدِّم الأخ الشقيق على العم الشقيق؛ لأن جهة الأخوة أقوى من جهة العمومة؛ ولأنه شاركك في أحد أصليك أو فيهما معاً، ولكن العم شارك أباك ولم يشاركك، ولا شك أن الأخ أقرب من هذا الوجه، ولذلك يقدم على العم، وغيره من مسائل الترتيب المعروفة، والتي تقدمت الإشارة إليها في باب الجنائز.
قال المصنف رحمه الله: [والعبد بين شركاء عليهم صاع].
فلو كان هناك رجلان يملكان عبداً واحداً نصفه لزيدٍ ونصفه لعمرٍ، فحينئذٍ على هذا نصف صاع وعلى هذا نصف صاع.