للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفرق بين الحر والعبد في الجلد للقذف]

قال المصنف رحمه الله: [وإن كان عبداً أربعين].

مذهب جماهير السلف والخلف -ومنهم الأئمة الأربعة- على أن العبد إذا قذف غيره يقام عليه الحد أربعين جلدة، واستدلوا -أولاً- بقوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء:٢٥]، حيث شطر الله حد الزنا الذي هو الأصل، فمن باب أولى تشطير حد القذف، وهذا من باب التنبيه بالأعلى على ما هو دونه.

واستدلوا -ثانياً- بأن الخلفاء الراشدين أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً رضي الله عنهم أجمعين كانوا يجلدون الرقيق في القذف أربعين جلدة، قال أبو بكر بن حزم: أدركت أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً والأئمة يجلدون العبد أو المولى إذا قذف أربعين جلدة، وهذا يدل على أنه سنة ثابتة، وعليها إجماع الصحابة حيث لم ينكر أحد من الصحابة تشطير عقوبة القذف على الرقيق، وعليه فإنه يجلد أربعين جلدة.

قال المصنف رحمه الله: [والمعتق بعضه بحسابه].

للعلماء وجهان في المعتق والمبعض: فبعض العلماء يقول: إذا كان نصفه حراً ونصفه رقيقاً فإنه يجلد بحسابه، وعلى هذا تكون ستين جلدة، الأربعون: تشطير أصل الحرية، مراعاة للحرية، والعشرون: تشطير الرق، فإذا كان مبعضاً فإنه بحسابه على القول الذي اختاره المصنف.

والقول الثاني: إذا كان مبعضاً فإنه على النصف دائماً، وهم متفقون أنه لو كان نصفه حراً ونصفه رقيقاً فإنه يجلد على النصف، ولكن إذا كان ثلثاه أو كان ثلثهُ رقيقاً والآخر حراً فعلى القول الأول: يتشطر بحسابه، وعلى القول الثاني: يتشطر على النصف، سواءً كانت الحرية أكثر أو كان الرق أكثر؛ لأن الحكم واحد عند الذين لا يفصلون، وهو اختيار أصحاب الشافعي وطائفة من العلماء رحمهم الله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>