وذلك مثل الإبل في القديم، فإذا أستأجرها الإنسان من أجل الركوب، ثم هرب صاحبها، فهذه الدواب ستبقى عندك، وتكون يدك عليها قائمة، يد حفظ، فتحفظها لأخيك المسلم، وبعض العلماء يُلزمك بالحفظ هنا، ولا خيار لك، تُلزم بحفظها، وتقوم عليها حتى يأتي ربها وصاحبها، ثم تنفق عليها منها، فإذا أنفقت عليها منها فلا إشكال، وأما إذا لم تجد منها شيئاً وقمت أنت بنفسك وأنفقت من مالك، فحينئذٍ يكون من حقك الرجوع على مالكها الحقيقي إن جاء يطالبك يوماً من الأيام؛ لأنه تعذر عليك أن تتصل به وتطالبه، فيجوز لك حينئذٍ أن تؤاخذه بضمان؛ لأن هذه العين التي هي الإبل أو الدواب التي تُستأجر للركوب أو نحو ذلك مثل الثيران، فقد كانت في القديم تستأجر للحراثة، وفي زماننا لو كانت السيارة مستأجرة، ثم حصل ظرف لصاحبها وغاب فجأة، وأصبحت السيارة عندك واحتاجت إلى نفقة، أو إلى رعاية، فأنفقت عليها مع تعذر الاتصال بصاحبها، فإنه حينئذٍ إذا رجع طالبته بضمان ذلك الشيء الذي أنفقته على عينه؛ ووجه ذلك: أن هذه العين غُرمها وغنمها على مالكها الحقيقي؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح:(الخراج بالضمان)، فغرمها وغنمها لمن يضمن، أي: يأخذ الغنم وعليه الغرم، فلما كان ربحها له، كذلك أيضاً غرمها ونفقتها وخسارتها وأعباؤها وتكاليفها على مالكها الحقيقي، أما يدك فإنها يد حفظ.
ففي هذه الحالة -في العارية، وفي الرهن، وفي العين المستأجرة- إذا لم يتيسر الاتصال بمالكها الحقيقي وكنت معذوراً، جاز لك أن تقوم بالمعروف بالنفقة عليها، ثم تطالبه بضمان ما أنفقت.