من صلى على جنازة ثم تبعها، وقبل أن تدفن أراد من لم يدرك الصلاة أن يصلي عليها، فهل يجوز له أن يصلي معهم مرة ثانية؟
الجواب
السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا حضرت الجنازة دفنها مباشرة، وهذا هو المحفوظ من هديِه، ولذلك إذا صُلِّي عليها مع الجماعة فمن أدرك فالحمد لله، ومن لم يدرك فلا حاجة إلى تأخير دفنها؛ لأن هذا من تأخير الجنازة لمصلحة الحي، والميت من مصلحته المبادرة.
وهذه سنة تخفى على الكثير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في الحديث الصحيح أنه قال:(أسرعوا بالجنازة)، وهي إذا كانت صالحة تقول: قدموني قدموني، فأي تأخير فإنه حجزٌ لها عن الفضل وحجزٌ لها عن الخير، فلا يجوز في هذه الحالة أن يُعتدى على الميت بتأخيره لمصلحة الحي.
وقد يقول قائل: إنه سيدعي له ويترحم عليه، فنقول: إن هذا متدارك بالدعاء له حتى بعد دفنه، فليس الأمر موقوفاً على الصلاة عليه فقط؛ لأن الصلاة عليه قُصدت للدعاء، وقد حصل هذا المقصود وتحقق بصلاة الجماعة، خاصة إذا كان في الحرمين أو نحو ذلك، فكلما جيء بجنازة قبل دفنها توضع ثم يقال: من لم يصل فليصل ونحو ذلك، فهذا فيه تكلف.
والذي يظهر من ظاهر السنة أننا مطالبون بالإسراع، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:(أسرعوا بالجنازة)، فهذا أمر يقتضي المبادرة والتعجُّل، وحق الميت في هذا ينبغي حفظه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:(لا يحل لجيفة مسلم أن تبقى بين ظهراني أهله).
ومن هنا وصَّى أهل العلم رحمهم الله بأنه لا يجوز تأخير الجنائز، وهذا أمر تساهل فيه كثير من الناس إلا من رحم الله، فينبغي المبادرة بالجنائز والإسراع بها، وهذا فضل للميت وخير له، وقد صح عن رسول الأمة صلى الله عليه وسلم أن الله كشف له الغيب، وبيّن أن الجنازة تصيح وتقول: قدموني قدموني إذا كان صالحة، فنسأل الله بعزته وجلاله أن يجعلنا ذلك القائل: قدموني قدموني؛ لما يرجو من رحمة الله والخير، ونقول: الدعاء له متدارك بعد دفنه، خاصة وأن هناك قولاً -وإن كان مرجوحاً- بجواز الصلاة عليه بعد الدفن، والله تعالى أعلم.