ويشترط تتابع الشهادات، فإذا أتم الزوج الشهادة الأولى يُتبعها بالشهادة الثانية في مجلس واحد، فلو أنه شهد اليوم في الساعة الواحدة شهادة واحدة، ثم فارق مجلس القضاء ولو خمس دقائق، ثم رجع؛ أعاد الشهادة الأولى، وشهد أربعاً متتالية في مجلس القضاء، وليس خارج مجلس القضاء، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم -يثبت هذا الأصل-: (لقد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآن فاذهب فائت بهاا)، فجعل اللعان في مجلس القضاء، ووقعت الشهادات في مجلسه عليه الصلاة والسلام، وهذا المجلس يسمونه مجلس القضاء، والنبي صلى الله عليه وسلم له أحوال متعددة، وهذا يسميه علماء الأصول رحمهم الله شخصيات النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله، والمراد أنه تارة يكون في حكم القاضي، وتارة يكون في حكم المفتي، وتارة يكون في حكم الإخبار والبلاغ بالرسالة، وتارة يكون في حكم الشارع، وفي حكم البشرية العامة، فهي أحوال مختلفة.
فلما جاء هلال بن أمية وكذلك عويمر وقذفا أمام النبي صلى الله عليه وسلم فهو كان بصفة القضاء لا بصفة الاستفتاء؛ لأنه لو كان بصفة الاستفتاء لكان حكماً آخر، لكن جاءا متظلمين يريدان الحكم الشرعي في قضيتهما، فلو حصلت الشهادات هذه في غير مجلس القضاء لم يبن عليها الأحكام الشرعية، فلابد أن تكون الشهادات في مجلس القاضي، وأن تكون أربع شهادات من الرجل متتابعة لا فاصل بينها مؤثر.