بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [باب ما يختلف به عدد الطلاق].
تقدم معنا أن الطلاق له ألفاظٌ مخصوصة، وهذه الألفاظ تارةً تكون صريحةً في الدلالة على الطلاق بحيث لا تحتمل معنىً غير اللفظ، ولا تحتمل معنىً غير الطلاق، وقد تكون هذه الألفاظ محتملة، وبيَّنا حكم كلٍّ من الصريح والمحتمل.
وبعد هذا شرع المصنف -رحمه الله- في بيان ما يختلف فيه عدد الطلاق، فالمطلق تارةً يأتي بلفظ الطلاق الذي هو صريح لفظ الطلاق، ويأتي بجزء اللفظ كأن يقول: أنتِ طالقٌ نصف طلقة أو ربع طلقة، أو بعض طلقة أو يجزِّئ المرأة نفسها فيقول: يدك طالق، ورجلك طالق، وروحك طالق، وشعرك طالق، ونحو ذلك؛ ثم هذا اللفظ تارةً يكون بصريح الطلاق الذي يدل على عدد معين كأن يصرح بالتحديد فيقول: أنتِ طالق طلقةً واحدة، وتارةً يأتي بلفظ يحتمل أكثر، فيقول: أنت الطلاق، أو يلزمني منك الطلاق، ونحو ذلك.
فكل هذه ألفاظ يختلف فيها الحكم، ومن حيث الأصل: تارةً تكون النيةُ موافقةً للفظ وتارةً تكون النيةُ مخالفةً للفظ وكل هذا من مباحث بابنا: (باب ما يختلف به عدد الطلاق)، كأن المصنف -رحمه الله- يقول: في هذا الموضع سأذكر لك جملةً من الأحكام والمسائل المتعلقة بلفظ الطلاق، يختلف الحكم فيها من حيث العدد، فيُحكم تارةً بأن الطلقة واحدة، وتارةً يحكم بأنها أكثر من واحدة.