للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أحكام رؤية هلال رمضان]

قوله: [يجب صوم رمضان برؤية هلاله].

(الباء) سببية، أي: بسبب رؤية هلاله.

والشهور تنقسم إلى شهور شمسية، وشهور قمرية، الشهور القمرية اثنا عشر شهراً، وهي السنة القمرية، وهذه الشهور هي التي رتب الشرع عليها الأحكام، ولم يرتبها على الشهور الشمسية، فالشريعة ترتب أحكامها على الشهور القمرية.

فمثلاً: في عدة المرأة الآيسة من الحيض؛ إذا كانت ثلاثة أشهر فإنها تعتد بالشهور القمرية، ولا تعتد بالإجماع بالشهور الشمسية، وهكذا بالنسبة للمرأة المحتدة في الوفاة أربعة أشهر وعشراً؛ فإنها تحد بالشهور القمرية ولا تحد بالشهور الشمسية، وهكذا صيام شهرين متتابعين في كفارة القتل وكفارة الظهار وكفارة الجماع في نهار رمضان، تكون بالشهور القمرية، ولا تكون بالشهور الشمسية.

والشهور القمرية تنقسم إلى شهور كاملة، وهي التي استتمت العدد ثلاثين يوماً.

وشهور ناقصة وهي التي تكون رئي الهلال دالة على نقصانها، فتكون تسعة وعشرين يوماً، فالفرق بينهما يوم واحد، وهو الذي يسمى بيوم الشك.

والسبب في ذلك: أن القمر له منازل ودرجات، فإذا غابت الشمس وسقطت قبل القمر، فمعنى ذلك: أن الهلال في هذه الليلة قد دخل الشهر التالي، وبناءً على ذلك تكون منزلته من منزلة الشهر التالي، أما لو سقط قبل الشمس، فمعنى ذلك: أنه قد بقيت له درجة، وحينئذٍ يكون الشهر كاملاً، وبناءً على ذلك: لا يمكن أن يحكم بدخول الشهر إلا بأحد أمرين في الشهور القمرية: الأمر الأول: كمال العدد للشهر السابق، فتتم له ثلاثون يوماً.

الأمر الثاني: أن يرى الهلال ليلة الثلاثين، فتكون رؤيته دليلاً على أن الشهر الماضي ناقص، وأن عدة أيامه تسع وعشرون يوماً.

وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس:٣٩] فهو على منازل ودرجات، فإذا سقطت الشمس قبله وبقي فمعنى ذلك: أن الشهر كامل وأن هذه الليلة للشهر التالي.

لكن لو سقط قبل الشمس فمعنى ذلك: أنه قد بقي له درجة فحينئذٍ لابد من الليلة الثلاثين التي تكون فيها درجة القمر كاملة.

فإذا وجدت هاتان العلامتان حُكم بما يترتب عليهما، من القول بكمال الشهر، وحينئذٍ يحكم بوجوب صيام رمضان، فإذا رُئي الهلال ليلة الثلاثين فحينئذٍ يثبت عندنا أن شهر رمضان قد دخل، والدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فاللام: في قوله صلى الله عليه وسلم (لرؤيته) تعليلية أي: بسبب رؤيته، فجعل الرؤية سبباً في وجوب الصوم، فمن رأى الهلال ليلة الثلاثين فإنه حينئذٍ يثبت دخول رمضان برؤيته على تفصيل عند العلماء؛ هل يشترط العدل أو لا يشترط.

<<  <  ج:
ص:  >  >>