[لزوم الوفاء بشرط الخلع عند حصول المخالفة]
قوله رحمه الله: [وإذا قال: متى أو إذا أو إن أعطيتِني ألفاً فأنت طالق] إذا قال: متى أعطيتني ألفاً، أو إذا أعطيتني ألفاً، أو إن أعطيتني ألفاً، فقد اشترط، وبينه وبين الله عز وجل أنها إن فعلت هذا الشرط أنها تطلُق، والله عز وجل أعطاه الطلاق منَجَّزَاً ومعلقاً، فقال: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة:٢٣١] {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [البقرة:٢٣٧]، ولم يفرق بين المعلَّق وبين المنجَّز، فهو كما أنه يُطلِّق ويقع طلاقه منجَّزاً، فإنه إن علَّقه على شيء يقع عليه الطلاق إذا وقع ذلك الشيء؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إن لكِ على ربك ما اشترطت).
فكما أن الإنسان يستحق بالشرط، وله أخذ ما شرط، كذلك أيضاً يُلزَم بالشرط ويؤاخذ به.
فقال رحمه الله: (إن أعطيتني ألفاً فأنت طالق) فهنا عِوض، وهذه المعاوضة عن تطليق.
وعلى هذا؛ فإنها لو أعطته الألف في نفس اليوم، أي: بعد حديثه مباشرةً أو فصل بينه وبين حديثه فاصل، تَركتْه ساعة أو ساعتين أو ذهبت وأحضرت الألف وجاءت فقال: لا، أنا قُلتُ: إن أعطيتني ألفاً وأَقصِد في المجلس، نقول: ما قلت في المجلس ولم تَشْتَرِط المجلس، فحينئذٍ إن أعطتك الألف في المجلس أو خارج المجلس أو بعد المجلس فهذا شرطٌ ليس فيه قيد، فلو أنها جاءت بالألف في اليوم الثاني، أو جاءت بالألف بعد سنةً، متى أعطته الألف فإنه حينئذٍ كأنها خالعته بهذه الألف، فأدخلوا هذه المسألة تبعاً للخلع؛ لوجود المعاوضة.
قوله: (طلقت المرأة بعطيته) إن أعطته الألف، وقوله: (وإن تراخى) تراخت العطية وتأخرت؛ لأن العبرة أنه متى ما وَقَع الشَّرط وَقَعَ المشروط، فهو اشتَرَط فيما بينه وبين الله عز وجل أن عصمة امرأته تنحل وتُرفَع بهذا الشرط إن وقع، وقد وقع الشرط فيؤاخذ به.
قال المصنف رحمه الله: [وإن قالت: اخلعني على ألف أو بألف أو لك ألف ففعل؛ بانت واستحقها].
قوله: (اخلعني على ألفٍ) ففعل، فحينئذٍ تُخْلَع منه، وتَطْلُق على قول الجمهور.
فهي اشترطت عليه، قالت: اخلعني بألف، فقال: خالعتكِ، فلما قال: خالعتكِ، معناه: خالعتُكِ بألف، وهكذا لو قالت: اخلعني بألفين، قال: خالعتكِ، فحينئذٍ إذا فعل ذلك فإنه يستحق ذلك المبلغ عليها ويلزمها دفعُه.
كما أنها تستحق عليه المخالعة والطلاق، كذلك هو يستحق العوض إن اشترطَتْ عِوضاً على الطلاق والخلع، فالحق بينهما متقابل، كما أنك تُلزِم الرجل كذلك تُلزِم أيضاً المرأة.
قوله: [أو بألفٍ أو لك ألف] كل هذه حروف: على ألفٍ أو بألف.
قوله: (ففعل بانت واستحقها) استحق الألف، فحينئذٍ لا تَبِيْن هكذا، لأنها رُتِّبَت على اشتراط والتزام، فهي إذا قالت له: خالعني بألفٍ، -لا بد أن تعرف مضمون اللفظ حتى تؤاخذ به- أي: لك عليّ ألفٌ وفي ذمتي لك ألفٌ إن وقع منك الخُلع، وهذا عقد واتفاق بين الطرفين، والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:١]، فهو إذا تَلفَّظ بالخُلع استحَقّ الألف، وإذا تلفظ بالخلع ألزمناها الألف، فهي التي التزمت واشترطت على نفسها أنه إذا خالعها وأنه إذا وقع هذا الشرط الذي ذَكَرَتْه من كونه مخالِعاً أعطته ألفاً، فإذا قال: خالعتُك؛ وكان منه لفظ الخلع، فقال: خالعتُكِ؛ فحينئذٍ عليها ما التزمَت به.