وقال بعض العلماء: إن هناك فرقاً بين السبيل والطريق، فالسبيل يكون في المعنويات:{وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}[الأنعام:٥٥] أي: ضلالهم وبُعدهم عن الله عز وجل: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي}[يوسف:١٠٨] أي: سبيل الخير من هداية وصلاح، فقالوا: السبيل يختص بالمعنويات، كالهداية والضلالة، وتقول: سبيلي طاعة الله عز وجل، وسبيلي اتباع الكتاب والسنة، هذا في المعنويات.
وأما الطريق فيكون في المحسوسات، فلا يقال: طريق، للمعنويات، ولا يقال: سبيل، للمحسوسات، إلا على سبيل التجوُّز.
هذا قول اختاره بعض المفسرين في الفرق بين تعبير القرآن بالسبيل وتعبيره بالطريق؛ لكن قول المصنف هنا:(ما خرج من سبيل) يخالف هذا الفرق؛ لأنه جعل السبيل في المحسوسات، وقلنا: إن بعض المفسرين يجعل السبيل في المعنويات، فيكون فعل المصنف ضرباً من التجوُّز؛ لأنه لو قال:(ما خرج من طريق) لَأَوْهَمَ؛ لكن لما قال:(سبيل) كان فيه نوعٌ من انحصار الذهن في الموضع المعروف.
قوله:(من سبيل) للإنسان سبيلان: القُبُل.
والدُّبُر.
وهذان السبيلان هما الأصل اللذان إذا خرج منهما شيء فإنه يوجب نقض الوضوء، وهذا ما قرره العلماء.