كيف نجمع بين حديث عمار:(إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه) ففي هذا الحديث تقديم اليدين على الوجه، وفي رواية البخاري تقديم الوجه على اليدين، وهل هذا يدل على عدم وجوب الترتيب؟
الجواب
إن من العلماء من أجاب عنه بأن حكاية فعل النبي صلى الله عليه وسلم المراد بها مطلق الجمع بحصول مسحه عليه الصلاة والسلام لكفيه ثم مسحه لوجهه، وليس المراد بها مراعاة الترتيب، وإن كان ظاهر السُّنة يدل على مراعاة الترتيب، والأحوط نظراً لمكان الرخصة وتقيد هذه العبادة بكونها رخصة أن يخرج الإنسان من الخلاف، واخترنا القول الذي يقول بمراعاة الترتيب؛ لوجود الشبيه والنظير مع اختلاف الروايات، واختلاف ظاهر السُّنة والتنزيل مع الاحتمال الوارد في ظاهر السُّنة، فرجعنا إلى الأحوط ورجعنا إلى الأصل، فوجدنا الأحوط يقتضي صيانة عبادة المكلف من الخلل، فقلنا يراعي الترتيب، ووجدنا الأصل -وهو طهارة الماء التي وقع التيمم بدلاً عنها- يراعى فيها الترتيب، فحكمنا بالترتيب من هذه الوجوه، وغلبنا ظاهر القرآن {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}[المائدة:٦] وقد قال عليه الصلاة والسلام: (أبدأ بما بدأ الله به) وفي رواية (ابدأوا) بالأمر، لكن هذه الرواية متكلم فيها، فلما بدأ الله عز وجل بمسح الوجه قبل مسح الكفين راعينا هذا الترتيب مع ما ذكرناه من وجود الأصل، ولذلك من المسالك الأصولية تستطيع أن تقدم القول الذي يقول بمراعاة الترتيب لظاهر الكتاب وظاهر السُّنة، فعندما رجعنا إلى الأصل كان المعارض، وهو الكتاب والسُّنة أبلغ في القبول من قبول سنة منفردة، ثم مراعاة الأصل الذي ذكرناه في عبادة الوضوء، والبدل يأخذ حكم مبدله، وكل ذلك اقتضى تقديم القول الذي يقول بمراعاة الترتيب، والله تعالى أعلم.