أولاً: مسألة بيع فضل الماء معروفة، وفيها نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم:(أنه نهى عن منع فضل الماء ليمنع به الكلأ).
فإذا كان هناك آلة ترفع الماء أو استأجر من ينزح الماء؛ يجوز له بيع الماء.
فإذا جاز له بيع الماء، صار الماء هو عين المبيع، فلابد من معرفة قدره، وهنا ما يبيعه مجهول القدر.
بل لابد وأن يقول: أبيعك مثلاً الوايت الموجود سعة كذا كذا لتراً، أو أبيعك مثلاً هذا الخزان وأملأ لك ماءً من هذه البئر تذوقها وتعرف طعمها بمائة ريال، فهذا جائز.
فالوايت الآن يأتي بالماء من بعيد ويتكلف ويقول لك: الوايت بسبعمائة.
فلا بأس بذلك، لأنه أخذ أجرة تعبه وتحصيله، لكن لو قال: أبيعك الماء في البئر على أن تسحب منه يوماً لم يصح؛ لأن بعضهم يعتبره من إجارة الزمان؛ لكن الواقع أنه بيع عين، ونحن لا ندري كم الناتج في اليوم، فلابد من تحديده، يقول مثلاً: خمسة وايتات من سعة كذا وكذا، لأن البيع يشترط فيه معرفة قدر المبيع، وهذا مما يحتاج إلى معرفة قدره دفعاً للغرر؛ لأن جهالة القدر توجب فساد البيع.
ولذلك ثبت في صحيح مسلم وغيره:(أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة)، وبيع الحصاة عند العلماء أصل من الأصول في تحريم البيع للأشياء المجهولة القدر، وقد كان ذلك في القديم، ومن صوره أن يقول: أبيعك من أرضي هذه ما انتهت إليه حصاته بمائة، فلا ندري هل هو بعيد أو قريب؟ فهنا جهالة قدر، فلما جهل القدر حرم البيع.
ومن هنا فكل شيءٍ له قدر ويمكن ضبطه بالقدر، ووقع البيع عليه دون تحديد لذلك القدر، فلا يجوز لأنه من بيع الغرر، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر وغيره رضي الله عنهما:(أنه نهى عن بيع الغرر).
وبناء على ذلك نقول: حدد المبيع من الماء من البئر، فيقول له: القدر عندي مائة لتر بألف ريال، كل لتر بعشرة ريالات، وهكذا يحدد قدر المبيع، هناك من يقول: هذه إجارة تدخل في إجارة الزمان، لكن هذا بعيد.
والأشبه من قال: إنه لابد من تحديد القدر، والله تعالى أعلم.