[بيان أن عيادة المريض من السنة]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: يقول المؤلف عليه رحمه الله: [كتاب الجنائز].
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [كتاب الجنائز].
الجنائز: جمع جَنازة أو جِنازة -لغتان- وقال بعض العلماء: جَنازةٌ (بالفتح) للميت نفسه، وجِنازة (بالكسر) للسرير الذي يُحمل عليه الميت.
وقيل: إنها مأخوذة من جَنز الشيء إذا استتر، و (الجنائز) المراد بها: بيان الأحكام المتعلقة بالميت.
ومناسبة هذا الكتاب لما تقدم: أن للعبد حالتين: الحالة الأولى تتعلق بدنياه، والحالة الثانية تتعلق بآخرته، فبعد بيان العبادات التي تتعلق بدنياه شرع -رحمه الله- ببيان جملة من المسائل والأحكام الشرعية المتعلقة بالمكلف عند موته أو بعد موته، وذلك من عيادته، وتلقينه، وتغسيله، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه.
وهذا الباب يعتني به العلماء من المحدثين والفقهاء رحمهم الله، وقد اشتمل على جملة من المسائل والأحكام الشرعية، وختم به المصنف رحمه الله كتاب الصلاة، وكأنه لما عبر بالكتاب جعله وسطاً بين الصلاة والزكاة، والسبب في ذلك: تردد حالة الإنسان في العبادات بين كونها عبادة تتعلق بالدنيا، وعبادة تتعلق بالآخرة، فناسب التقسيم من هذا الوجه، كأنه حينما قال لنا: [كتاب الجنائز] كأنه يقول لك: في هذا الموضع سأذكرُ لك جملةً من الأحكام والمسائل المتعلقة بالميت، وما ينبغي على أهله وذويه إذا نزل به الموت، وكذلك ما ينبغي على المسلمين من الصلاة عليه ودفنه والدعاء له.
يقول رحمه الله: [تُسن عيادة المريض].
هذه السنية دلت عليها النصوص المتضافرة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً، وعيادة المريض من أجل القربات وأحب الطاعات إلى الله جل وعلا، والتي جمع بها بين قلوب المؤمنين والمؤمنات؛ لما تشتمل عليه من رحمةِ بعضهم ببعض؛ ولما فيها من معونة المسلم لأخيه المسلم في حالة هو أشد ما يكون إلى رؤية إخوانه، والتعزي بما نزل في جسده، وما أُصيبَ به في نفسه.
وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذه العيادة، وأمر بها أصحابه رضوان الله عليهم، وأمته من بعدهم، فكان عليه الصلاة والسلام يعود المريض، وفي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه عاد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأرضاه وسلاه، وأخبره بمعجزة من معجزاته صلوات الله وسلامه عليه وهي أنه يعمر، وينتفع به أقوامٌ -وهم المسلمون- ويستضر به أقوامٌ -وهم الكافرون- وكان كما قال.
وكذلك عاد عليه الصلاة والسلام جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وصبّ وضوءه عليه فشفي.
وكذلك ثبت عنه في الحديث الصحيح أنه عاد يهودياً.
فالسنة بفعله عليه الصلاة والسلام تدل على مشروعية هذه العبادة الجليلة، وكذلك أمر بها عليه الصلاة والسلام، وفي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام من حديث البراء أنه أمر بعيادة المريض وإبرار المقسم، وجعلها من السبع التي أمر بها أصحابه وأمته من بعده صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين.