للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم التصدق عند الموت بثلث المال]

السؤال

التصدق بثلث المال عند الموت، هل هو مندوب إليه ومن السنة، وهل ورد فيه فضل خاص؟

الجواب

باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للمريض مرض الموت أن يتصدق بثلث ماله، وقال: (الثلث والثلث كثير)، لكن هذا على سبيل الإباحة، ثم يُفصَّل في الناس، فإذا كان الشخص غنياً، وماله كثير، وهناك أقرباء لا يرثونه، وهم محتاجون، فإنه حينئذٍ يُستحب له أن يُوصِي لمثل هؤلاء؛ لما فيه من الصلة والبر، ولأنه لا يضر ورثته.

أما لو كان قليل المال، أو المال الذي يتركه ليس بذاك، أو ترك مالاً ولكن ترك عيالاً كثيرين، وهم محتاجون لهذا المال، فحينئذٍ يبدأ بأقربائه، فيترك ورثته على غِنَىً أفضل من أن يتصدق، وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)، فمن أفضل ما تصدق به الإنسان بعد موته أن يترك ورثته أغنياء لا يحتاجون إلى الناس؛ فإن من أعظم البلاء والكرب حاجة الإنسان إلى الغير.

فنسأل الله العظيم أن لا يجعل لنا ولا لكم إلى لئيم حاجة، فالذل والفاقة تكسر الإنسان، ولربما كذب الصادق وخان الأمين بسبب الفقر والعياذ بالله! والفقر قد يهلك الإنسان، وقد يجرُّه إلى ما لا تُحمد عقباه، فيعد ولا يفي، ويقول ولا يصدق، وكل ذلك تحت الضرورة، وتحت وطأة الفقر وشدته.

فلذلك لو ترك الورثة على غِنَىً وكفاف، وعدم حاجة، فلا شك أن هذا أفضل، أما إذا كان المال كثيراً، وهناك قرابة محتاجون، ولا شك أنه إذا أوصى لهم يجبر كسرهم، ويكون له فيه أجر كثير، فحينئذٍ يُستحب له أن يوصي، ويكون له في ذلك الأجر من الصلة والبر، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>