حكم امتناع المرأة إذا كان الصداق مؤجلاً وقد حل وقت أدائه
قوله رحمه الله:(أو حل قبل التسليم).
أي أنها اتفقت معه على أن الصداق مؤجل، فحل أجله قبل التسليم، فمن حقه أن يدخل بها قبل أن يعطيها.
توضيح ذلك: مثلاً لو أنها اتفقت معه على دفعه لها بعد سنتين أو ثلاث سنوات، فقد رضيت بتأجيله، فحينئذٍ لا يتوقف الدخول على دفع المهر، فلو حل هذا الصداق وجاء أجله والزوج ماطل وتأخر فمن حقه أن يدخل بالزوجة، ثم هي تقيم دعوى على مطالبته بحقوقها، فإن كان غنياً أعطاها حقها، لكن لا تمنعه من حق وطئها كزوج، وهذا من انفصال الجهة، إذ هو له حق الوطء والاستمتاع، وهي لها حق المطالبة بالمهر، ثم المهر يتعجل ويتأجل على ما يتفقان عليه، فإن هي رضيت به مؤجلاً لم يكن من حقها أن تمنع الدخول بتأجيله؛ لأنها رضيت به مؤجلاً، والعكس كذلك.
فالشاهد: أنها إذا أوجبته عليه معجلاً كان من حقها أن تمنعه من الدخول حتى يعطيها حقها، فكلا الطرفين له حقه، فإن قالت المرأة: رضيت بمهري مؤجلاً بعد خمس سنوات أو ست سوات فقد رضيت بتأجيله، فحق الزوج أن يدخل عليها حتى قبل أن يعطيها؛ لأنها رضيت بالتأجيل، فيدخل بها، وإذا امتنعت فإنه يوجب عليها الحاكم الطاعة لزوجها.
هذه فائدة الخلاف: أنها إذا امتنعت يفرض عليها الحاكم وعلى أوليائها أن يسلموها لزوجها؛ لأنه من حق الزوج أن يستمتع بزوجته، فإذا ماطلت وامتنعت فرض عليها ذلك بحكم العقد، ولو أن الزوج وافق أن يعطيها صداقها قبل الدخول فقال لها: ما عندي الآن وأريدكِ كزوجة لا تمنعيني من نفسكِ، فقالت: لا تدخل عليّ حتى تدفع المهر، واختصموا، فالقاضي يقضي على أنه لا يدخل بها حتى يعطيها مهرها.
فإذاً: عندنا حق للزوج في الدخول، وحق للزوجة من جهة المهر، فإن اتفقا على التأجيل جاز الدخول قبل حصول الأجل، وإن اتفقا على التعجيل فمن حقها أن تمتنع حتى يعطيها حقها، وإذا تنازلت عن حقها فالأمر إليها.