[من المسائل المتعلقة بتصرفات الوكيل تصرفه في القبض من الشخص ومن ورثته]
قال رحمه الله: [و (اقبض حقي من زيد) لا يقبض من ورثته إلا أن يقول (الذي قبله)].
هذا كله -مثل ما ذكرنا- مسائل تتعلق بالتصرفات:(اقبض حقي من زيدٍ لا يقبض من ورثته إلا أن يقول الذي قبله)، عندنا لفظان: اللفظ الأول: (اقبض حقي من زيد).
اللفظ الثاني:(اقبض حقي الذي قِبل زيدٍ).
بالنسبة لقوله:(اقبض حقي من زيد)، هذا اللفظ إذنٌ بالقبض من زيدٍ بعينه؛ لأنه سمى وحدد، فلو أن زيداً مات فإنه ليس من حقه أن يطالب الورثة؛ لأنه أُمِرَ بالقبض من عين زيدٍ، وإذا أمر بالقبض من عين زيد فإن هذا لا يستلزم القبض من الورثة وإنما يحتاج إلى إذنٍ آخر أو إذن عام يدل على أن المراد قبض الحق بغض النظر عن كونه من الميت أو من ورثته.
فقال رحمه الله:(واقبض حقي من زيد): نحن نبهنا غير مرة أن العلماء رحمهم الله يذكرون أمثلةً وألفاظاً لا يقصدون المثال واللفظ، إنما يقصدون الأصل، فهو حينما قال لك:(اقبض حقي من زيد)، فهذا تعيين، فالأصل أن الوكالة إذا عُيّن فيها التصرف وتعلق بشخصٍ معين أو بصفةٍ معينة أو بحالة معينة أو بزمانٍ معين وجب أن تتقيد الوكالة بذلك، وعلى هذا: لو قال له: اقبض حقي من زيدٍ، فمعناه: أنه يقبض من زيد ولا يقبض من غيره، فلو مات زيدٌ لا يستحق أن يطالب ورثته.
وإذا قال:(اقبض حقي الذي قبله) يعني: عنده، والحق الذي عند زيد، فلم يعين القبض من زيد، إنما قال: اقبض حقي الذي قبله، والحق الذي عنده ولم يقل: من زيدٍ، وإنما قال: اقبض حقي الذي قِبل زيد، فلم يكن القبض معيناً فيه زيد، وبناءً على ذلك قُصد منه قبض الحق.
الصورة الثانية: في قوله: (الذي قبله)، وقبل الشيء ناحيته وجهته، فالمراد من هذا: أنه قال له في اللفظ الثاني: (اقبض حقي الذي قبل زيد) أي: قصد إبراء ذمة زيد، فيستوي في ذلك أن يقبض من زيد أو يقبض من ورثة زيد بعد موته.