الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه، ومن سار على سبيله ونهجه إلى يوم الدين.
أما بعد: فيقول المصنف -رحمه الله تعالى -: [ومن صيل على نفسه، أو حرمته، أو ماله: آدمي أو بهيمة، فله الدفع عن ذلك بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به]: هذه الجملة وما بعدها إلى نهاية الباب خصها المصنف رحمه الله بأحكام الصائل، ومناسبة أحكام الصائل للحرابة واضحة ظاهرة؛ لأن المحاربين إذا اعتدوا على الناس صالوا على أنفسهم، وأعراضهم وأموالهم، وقد بيَّن حكم المحارب الذي يصول، فبقي أن يبين لنا حكم من صيل عليه.
فهل يجوز للشخص إذا اعتدى عليه غيره، وأراد قتله، أو أخذ ماله، أو الاعتداء على حرمة من حرماته كعرض ونحو ذلك؛ هل من حقه أن يدفع؟ وهل هذا الدفع واجب عليه؟ وهل الأفضل أن يدفع أم لا إذا لم يكن واجباً؟ وكذا إذا قلنا بمشروعية الدفع فالدفع له مراتب وأحوال، فهل يجوز له أن يدفع بالأقوى مع إمكان الدفع بالأخف؟ كل هذا سيفصله المصنف رحمه الله في أحكام الصائل.