للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم وضع خشبة على جدار الجار]

قال رحمه الله: [وليس له وضع خشبه على حائط جاره إلا عند الضرورة إذا لم يمكنه التسقيف إلا به]: أي: لأن الأصل أن الجار يملك جداره، وليس من حق أحد أن يضع خشبه على جداره إلا بإذنه، ويجوز إذا احتاج.

فالجار له حالتان: الحالة الأولى: أن لا يكون محتاجاً لوضع الخشب على جداره، فليس من حقه أن يحرجه وأن يضع الخشب على جداره، وكانوا في القديم ربما بنى الجار الدور الأول بجدار، وفي الدور الثاني احتاج أن يضع خشبة على جدارك؛ لأن جدارك مهيأ لهذا، فهل من حقه أم لا؟ يجوز له ذلك، ولا يجوز لك منعه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يمنعن جاراً جاره أن يغرز خشبه في جداره) وفي رواية: (خشبة في جداره) وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: (ما لي أراكم عنها معرضين! والله لأرمين بها بين أكنافكم) يعني: إنني أبِّرئ ذمتي وأبلغكم ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تتحملون المسئولية إن خالفتم السنة: فمنعتم الجار من غرز خشبه في الجدار.

وقيل في رواية: (مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم) أي: لأجعلن الخشب حتى ولو على أكتافكم.

يعني: تحقيقاً لهذه السنة، وكلاهما وجه في الرواية، وهذا يدل على مشروعية غرز الخشب في جدار الجار.

قال رحمه الله: [وكذلك المسجد وغيره]: أي: إذا احتاج المسجد أن يوضع سقفه على جدار الجار فيوضع، أو العكس: لو أن الجار احتاج أن يضع خشبه على جدار المسجد فإنه يجوز؛ لأن السنة ماضية، فجار المسجد جار، فيستوي في ذلك الأوقاف وغيرها.

قال رحمه الله: [وإذا انهدم جدارهما أو خيف ضرره فطلب أحدهما أن يعمره الآخر معه أجبر عليه] هذه المسألة يقع تطبيقها في الأملاك القديمة، حيث يوجد جدار بين مزرعتي ومزرعتك بناه الأجداد، ولا تدري هل جدك الذي بناه أو جدي، لكن المعروف أن هذا الجدار فاصل بيني وبينك، فانهدم هذا الجدار بالسيل أو الريح فسقط، فجئتك لأجل أن نبنيه فقلت لك: يا فلان! أريد أن أبني الجدار.

فقلت لي: ابنه أما أنا فلا أدفع شيئاً، فمن ناحية شرعية تلزم بالدفع؛ لأن الجدار بيني وبينك، والحق مشترك بيننا، ولا تتعطل مصالحي بتقاعسك عنه.

أي أنه لابد من وجود الفاصل بين الحدين، فيبنى الجدار وتكون القيمة بين الطرفين، وهكذا في الحقوق المشتركة، إذا امتنع أحدهما واستضر الآخر بامتناعه ألزم وأكره على ذلك.

قال رحمه الله: [وكذا النهر]: مثلاً: نهر يسقي المزارع -مثل العيون- لأنها تسقي الجميع، فلو احتاجوا أن ينظفوها ويوسعوها وامتنع البعض من المساهمة فإنهم يلزمون بذلك، وهذا من باب الحقوق المشتركة؛ لأن امتناعه عن المساهمة يضر بالجماعة وفقه المسألة: أنه إذا امتنع تعطل الماء عن المزارع فتضرر الجماعة، فرضنا عليه أن يدفع.

فالقاعدة: (أن الضرر الخاص يحتمل للضرر العام) فنقدم ضرر الجماعة على ضرر الفرد، مع أنه إذا دفع حصلت المصلحة، فكأنه بامتناعه عن الدفع يتجاهل مصلحته، فيلزم وكأنه سفيه بما فيه رشده.

وكذا في الطرقات فلو أنه احتيج إلى طريق يكون مشتركاً واستهموا كلهم إلا واحداً، أجبر على أن يساهم إلا أن يكون عاجزاً فيكون بمثابة الدين عليه، يجب أن يقضيه متى تيسر له، فيعطي إخوانه حقهم فيما توجب عليه في المشاركة.

قال رحمه الله: [والدولاب]: كذلك دواليب السقي في المزارع ومنها: العيون والخيوف.

قال رحمه الله: [والقناة]: القناة التي تجري فيها المياه، كأن تبنى وتنظف ويجري فيها الماء، فإذا امتنع البعض اجبروا على المساهمة معهم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>