للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أنواع المحرمات على التأقيت وحكم كل نوع منها]

هناك نوع من المحرمات حرم الشرع نكاحهن على التأقيت: أخت الزوجة: حرام على الإنسان أن ينكحها مؤقتاً، فلا نقول: إنها من المحارم، وهذا يغلط فيه البعض، بل بلغني عن بعض طلاب العلم أنه يجلس مع أخت زوجته، ويقول: إن الله عزَّ وجلَّ عدَّها في المحرمات، فهي كالأم وكالبنت، وهذا خطأ؛ لأن التحريم في حقها مؤقت، وإنما تثبت المحرمية في التحريم المؤبد.

كذلك أيضاً: من التحريم المؤقت: الخامسة من النسوة: فمن كان عنده أربع من النسوة لا يحل له أن ينكح الخامسة، فليست الخامسة حلالاً له، بل يحرم عليه نكاحها؛ لكن تحريماً مؤقتاً.

وكذلك: المحصنات من النساء: كما ذكر الله في القرآن، من المحرمات؛ لكنهن لسن من المحارم، فليُنْتَبَه إلى قولنا: من المحرمات، ومن المحارم، فالمحارم شيء، والمحرمات شيء آخر؛ لأن المحرمات أعم من المحارم؛ لكن وصف هؤلاء النسوة بكونهن محارم لوجود التحريم من جهة التأبيد.

بقي إشكال؛ هناك نوع من النسوة يحرمن على التأبيد ولسن من المحارم، ويُلْغِز بعض العلماء في هذا ويقول: امرأة محرمة إلى الأبد ليست بمحرم؟ فجوابه: زوجة الملاعِن، فإن الزوج إذا لاعن زوجته -والعياذ بالله- فُرِّق بينهما فراقاً أبدياً، ولا تحل له إلى الأبد، وهذا التحريم يسمونه: تحريماً مؤبداً؛ لكنه لا يقتضي المحرمية وليست بمحرم له، وإنما هي أجنبية تبين منه بمجرد انتهاء المرأة من قولها -في اللعنة الخامسة والعياذ بالله-: أَنْ غضب الله عليها إن كان صادقاً فيما ذكر، فإذا قالت هذه الكلمة فحينئذٍ يفرق بينهما فراقاً أبدياً، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لـ عويمر العجلاني بعد أن فرغت المرأة من اللعان وقالت الموجبة الخامسة-: (حسابكما على الله، الله أعلم أن أحدكما كاذب، فقال عويمر: كذبتُ عليها يا رسول الله إن أمسكتُها، فطلقها ثلاثاً، فقال: إنها لا تحل لك) يعني: إلى الأبد، فهذا يدل على أن التحريم إلى الأبد؛ لكن ليست بمحرم.

وعلى هذا اختص التحريم بالمحرمات من جهة النسب، والمحرمات من جهة الرضاعة، والمحرمات من جهة المصاهرة، إلا أن التحريم من جهة الرضاع يشترط فيه ما يشترط في الرضاع المؤثر، وإن شاء الله سيأتي بيان حدود الرضعات المؤثرة، وضابط ذلك في كتاب النكاح.

هؤلاء النسوة وما يقابلهن من جهة الذكور، يعتبر محارم للرجال وهم محارم لهن، على التفصيل الذي ذكرناه.

فلا يحل للمرأة أن تسافر إلى الحج ولا إلى العمرة إلا مع محرم، ومن باب أولى السفر إلى غير الحج والعمرة، مع أن الحج والعمرة واجبتان.

قد يقول قائل: سفر الحج والعمرة واجب عليها، وإن لم تجد محرماً فإنها تخاطَب بالخروج إبراءً للذمة، فما الدليل على أنه لا يجوز لها الخروج إلا مع المحرم؟

الجواب

أولاً: قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم) وجه الدلالة: أن الحديث عام لم يفرق بين سفر وآخر، فشمل السفر الواجب وغير الواجب.

ثانياً: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له الصحابي: يا رسول الله! إني اكتُتِبت في غزوة كذا وكذا، وإن امرأتي انطلقت حاجة، فقال عليه الصلاة والسلام: انطلق فحج مع امرأتك)، فدل على أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر وليس معها ذو محرم منها، ولو كان السفر واجباً على المرأة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>