المحرم لا يمس الطيب، فإذا أراد أن يحلق شعره فكثير من الحلاقين يضع على الشعر صابوناً معطراً أو نحو ذلك، فما رأيكم، أثابكم الله؟
الجواب
إذا كان الحلاق يعلم بهذا ووضعه فإن على الحلاق الفدية، وإن سكت المحلوق ورضي فإنها تكون على المحلوق، وإن أمره أن ينزعها مباشرة، يعني: ينزع الصابون فإنه حينئذٍ لا فدية عليه، ولا يجوز له إذا أراد أن يحلق شعر رأسه أن يضع الصابون المطيب، وإنما يضع صابون الزيت أو نحوه، أو يضع الماء مجرداً من الصابون ثم يحلق، أما لو وجد في مادة الحلاقة بما يبل به الشعر ويندى به جلد الرأس أي طيب كان، فإنه متلبس بالنسك حتى يحلق، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:(إني لبدت شعري وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر)، قال الله تعالى:{وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة:١٩٦]، فلا يكون الإنسان متحللاً من النسك إلا إذا كان قد حلق وفرغ، فعلى هذا لو وقع الطيب في رأسه قبل أن يحلق أو أثناء الحلاقة أو تمهيداً للحلاقة، فما دام أنه لم يقع منه التحلل المعتبر فإنه يلزمه الفدية.
والعلماء رحمهم الله يقولون: إذا وضع المحظور من شخص على المحرم، والواضع يعلم أنه محرم فتكون الفدية والكفارة على من وضع، وأما إذا أذن المحرم فإنها تكون على المحرم؛ لأن الأصل وجوبها على المحرم، ولكنها صارت على غيره بالاعتداء، ولذلك قالوا: لو حلق إنسان لمحرم قبل التحلل دون أن يعلم المحرم، لزم الحلاق أن يفتدي فدية الحلق، وأما إذا أذن له المحرم فإنه حينئذٍ تكون الفدية على الآذن؛ لأن الإذن بالشيء فعل له، وعلى هذا فإن المحرم إذا علم بأن الصابون مطيب ومكنه من ذلك وأذن له أو سكت فعليه الفدية، وأما إذا لم يعلم إلا بعد الحلق، فحينئذٍ تكون الفدية على الحلاق ولا شيء على المحلوق.