للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أحوال الطلاق من جهة اجتماع اللفظ والنية واختلافهما]

من طلق فلا يخلو من ثلاثة أحوال: الحالة الأولى: أن تجتمع نيته ولفظه على الطلاق.

الحالة الثانية: أن يطلق بالنية ولا يتلفظ.

الحالة الثالثة: أن يطلق باللفظ دون النية.

والقسمة العقلية في الأصل تكون أربعاً، لكن في العمل ثلاثاً، فإن يطلق في النية وحدها، أي: أن ينوي في قلبه ويعزم على أنه يريد أن يطلق زوجته؛ فهذا طلاقٌ بالنية، وإما أن يتلفظ بلفظ الطلاق وليس في النية أن يطلق، فهذا طلاق اللفظ، وإما أن يجمع بين ظاهره وباطنه، فيطلق بنيته وقوله، والرابع الذي ألغيناه: ألا يطلق لا باللفظ ولا بالنية، فهذا ليس بطلاق؛ فإنه وإن كان التقسيم العقلي يحتمله، لكنه ليس له تأثير في الحكم.

فأما إن طلق بنيته فمثاله: رجلٌ آذته زوجته أو سمع منها أمراً أزعجه، فنوى في قرارة قلبه، وأقدم بكل ارتياث وبكل طمأنينة على أن يطلق، ولم يبق إلا أن يتلفظ، ولكن ما حدث منه اللفظ، فوصل إلى درجة عزم فيها تماماً على الطلاق، وقد تقع هذه الصورة في حال الخصومة بين الزوجين، فتقول الزوجة لزوجها: انتظر حتى يأتي والدي ويتفاهم معك، فعزم في قرارة قلبه على طلاقها عند مجيء والدها، فلما حضر والدها وواجهه؛ استحيا أو ذكره بالله، أو جاء مع والدها رجل فذكره بالله، فانصرفت نيته من الطلاق إلى عدم الطلاق، فهذا عزم في نيته ولم يتلفظ بلسانه، فوجد فيه طلاق الباطن دون طلاق الظاهر.

ومن أمثلة ذلك: أن تعزم المرأة أن تشتكي بزوجها في القضاء، فعزم على طلاقها إذا حضرا عند القاضي، فلما حضرا عند القاضي صرف الله قلبه، والله يقلب القلوب ويحول بين المرء وقلبه، فرأى أن المصلحة تقتضي ألا يطلق، ورأى أنه قد أعطى الأمر أكثر مما يستحق، وأن جلوسه بين يدي القاضي من أجل الإنصاف، أو وجد كلاماً صرفه، أو وجد قاضياً موفقاً، ذكره بالله ووعظه، فجمع الشمل وألف بين القلوب، فانصرفت نيته عن الطلاق، ف

السؤال

إذا نوى الرجل أن يطلق زوجته ولم يتلفظ فهل نؤاخذه بهذه النية أو لا؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>