رجلٌ وكلني أن أدفع زكاة الفطر للفقراء، فلما أخرجتها في وقتها المعتبر طلب مني بعض الفقراء أن أضعها عندي إلى أن يأتي لأخذها في يوم العيد، فهل العبرة بنية دفعها وإخراجها، أم بقبض الفقير لها؟ نرجو التوضيح.
الجواب
باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فإخراج زكاة الفطر ينبغي أن ينظر فيه إلى الأداء، وتوضيح هذه المسألة يستلزم بيان مسألة الظاهر والباطن، فمن نوى إخراج زكاة الفطر فقد تحقق فيه الباطن، ومن أخرجها بالفعل فقد تحقق فيه الظاهر والباطن، فاجتمعت نيته مع فعله، والشرع قصد الأمرين، ولذلك قال:(وأمر أن تؤدى قبل الصلاة) كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان طُعمةً للمساكين، وطُهرة للصائم من اللغو والرفث، وأمر أن تؤدى قبل الصلاة، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقةٌ من الصدقات) فدل هذا الحديث على أن العبرة بالأداء.
وبناءً على ذلك: إذا أردت أن تُخرج زكاة الفطر فإن كان الفقير جاء وأخذها منك فلا إشكال، أو وكل من يأخذها منك فلا إشكال، فلو قال للفقير: يا فلان! خُذ عني زكاة الفطر من فلان، فإنه إذا قبضها منك وكيله صح ذلك إذا كان القبض قبل صلاة عيد الفطر.
وعلى هذا: فلو وكل الفقير شخصاً فدفعتها إليه صح ذلك الأداء وهي زكاة، لكن لو أنك نويت إعطاءها له وأخرجتها وفرزتها عن مالك، بل حتى لو أعطيتها لشخص وقلت له: اذهب وأعطها للفقير، فالعبرة بالقبض وليس العبرة بمجرد النية وصورة الأداء؛ لأن المراد وصولها إلى الفقير، فإذا وصلت إلى الفقير فإنه حينئذ يحكم بحسب ذلك: إن كان قبل الصلاة أجزأت وإن كان بعد الصلاة فهي صدقةٌ من الصدقات، فإذا وكل الفقير شخصا وقبضها عنه فإنه بمثابة قبض الفقير نفسه للقاعدة: إن الوكيل ينزل منزلة الأصيل.
وعلى هذا فلو قبض الوكيل زكاة الفطر قبل صلاة عيد الفطر، فلا يخلو من صور: إما أن يقبضها قبل صلاة عيد الفطر ويذهب ويعطيها للمسكين قبل صلاة عيد الفطر فلا إشكال، حيث أُعطيت ووصلت إلى الفقير في الوقت، وإما أن يقبضها ويؤخرها إلى ما بعد الصلاة أو يعطيها أثناء الصلاة ففي كلتا الصورتين لا تأثير لتأخيره في الإعطاء، بل حتى ولو أعطاها للفقير بعد شهر، ما دام أن الفقير قد وكله فإنه ينزل منزلة الفقير وهي صدقةٌ من الصدقات والله تعالى أعلم.